مثلا قولنا : أكرم الرجل العالم لو قيل بالمفهوم فيه فمعنى مفهومه انتفاء سنخ وجوب الإكرام عند انتفاء العلم ولو كان في الرجل الجاهل ، وليس مفاد المفهوم انتفاء نفس هذا الحكم المنشأ في هذه القضيّة ؛ فإنّ المذكور في هذه القضيّة هو وجوب الإكرام المعلّق على الرجل العالم ، فليس المفهوم أنّه لو انتفى العلم ينتفي وجوب الإكرام المعلّق على الرجل العالم؛ إذ هذا من باب حكم العقل بانتفاء الحكم عند انتفاء الموضوع ، وليس بقضيّة المفهوم ، بل قضيّتها كون العلم علّة منحصرة لسنخ وجوب الإكرام للرجل أعمّ من المعلّق منه على العالم أو الجاهل ، فيكون الحكم عند انتفاء العلم بانتفاء هذا الوجوب عن العالم من باب حكم العقل ، وعن الجاهل من باب المفهوم ، فيكون المفهوم في القضيّة الوصفيّة هو انتفاء الحكم عن غير الموضوع المذكور فيها ، كما أنّه في القضيّة الشرطيّة انتفاؤه عن الموضوع المذكور فيها.
وحينئذ نقول في الأمثلة التي ليس فيها موضوع محفوظ في كلتا الحالتين بأنّ كلمة «إن» و «إذا» لم يسقطا عن إفادة العليّة المنحصرة بالمرّة ، بل هما يفيدان في هذه الموارد مفاد الوصف والعليّة المستفادة منه ، فنحن وإن استشكلنا في إفادة الوصف بنفسه للمفهوم، ولكن إذا وقع في سياق أداة الشرط في أمثال تلك الموارد قلنا بإفادة هذا المفهوم للأداة.
فنقول في الآية : إنّه لو كان الكلام بصورة القضيّة الوصفيّة بأن قيل : يجب التبيّن في نبأ الفاسق وقلنا بثبوت المفهوم للوصف ، كان المستفاد عليّة وصف الفسق لثبوت التبيّن ، بمعنى أنّه متى انتفى هذا الوصف انتفى وجوب التبيّن الكلّي لا الشخص المعلّق منه على نبأ الفاسق ، ضرورة أنّه بديهيّ بحكم العقل بانتفاء الحكم لانتفاء موضوعه ، فكان مفاد المفهوم انتفاء وجوب التبيّن عن نبأ العادل ؛ إذ لو ينتف لما كان الفسق علّة تامّة منحصرة لوجوب التبيّن الكلّي وسنخه ، وقد فرض استفادة ذلك من القضيّة.
فنقول : إنّ عين هذا المعنى يكون لكلمة «إن» في الآية ، فليست لمجرّد ربط