إذ ليس مفاد «صدّق» هو التصديق القلبي ، حتى أنّ في ما يكون الأثر الشرعي لمؤدّى الأمارة بواسطة ملازمات خارجيّة أيضا ليس المقصود تصديق ما هو اللازم للمؤدّى بلا واسطة ، بل المقصود توجيه المكلّف نحو العمل الذي هو متأخّر عن الجميع ، مثلا لو أخبر بشيء وكان في الخارج ملازما مع وجوب صلاة ركعتين فليس معنى «صدّق» ابن على وقوع هذا الأمر الخارجي ، بل المقصود : صلّ الركعتين.
وحينئذ نقول : يكفي في الحكاية بقول العادل كون الوقوع واللاوقوع منوطين بصدقه وكذبه ، كما في مثال المخبر بأحد المتلازمين بعد الفراغ عن الملازمة الخارجيّة بينهما ، فإنّه لو لم يكن اللازم الآخر متحقّقا فلا محالة كذب العادل ، ولو صدق فلا محالة يكون اللازم الآخر متحقّقا ، وبمجرّد هذا القدر حصل المطلب بحكاية قول العادل وببركته ، ولا يحتاج في تحقّق الحكاية إلى كون المحكيّ مدلولا مطابقيّا لقوله ، بل ولا كونه التزاميّا بأن لا يلتفت المخبر بملازمته أصلا ، بل ولو كان قاطعا بالخلاف.
فإذا أخبر بطهارة أحد المشتبهين كان حكاية عن نجاسة الآخر لمن له العلم الإجمالي ، وإن كان نفس المخبر قاطعا بطهارة الآخر فيكفي في الاستفادة والتحصيل للمطلب من قول العادل ثبوت الوقوع على تقدير صدقه ، وهذا هو المراد لو اعتبر كون الواسطة من اللوازم العقليّة أو العاديّة ، فإن الملاك هو الحكاية المتحقّقة بدوران الوقوع واللاوقوع على صدقه وكذبه.
فنقول في ما نحن فيه : وجوب الجمعة الذي هو الأثر العملي وإن لم يكن مدلولا مطابقيّا إلّا لقول الصفّار ، ولكن نحن لا نشكّ في أنّه لو لم يكن الشيخ والمفيد والصدوق وأبوه والصفّار كاذبين فهذا الحكم واقع ، وإن كان لا واقعيّة له فلا محالة إمّا مستند إلى كذب الصفّار وإمّا أب الصدوق وهكذا ، فتحقّق الحكاية عن قول الإمام بخبر العادل ، وأنّا قد استفدنا من هذه السلسلة من العدول وببركة أخبارهم حكم الإمام ، فإذن فنحن مكلّفون بصدق العادل لأجل نفس هذا الأثر العملي المحكيّ بقول العادل المترتّب على صدقه ، هذا غاية توجيه مرام شيخنا الاستاد دام ظلّه على