بوجود اللاحق ـ وهو التعليقي ـ غير مفيد ، والحكم الذي له فائدة وهو الوجوب الفعلي لا يتصوّر بغير الترتّب ومجيء السابق من قبل اللاحق ، فعلم أنّه لا يمكن إخراج المقام عن إيجاد الحكم بالحكم كما هو واضح ، هذا وقد قرّر دام ظلّه مرامه بتقرير آخر دفعا لما أوردناه عليه.
وحاصل تقريره الثاني أنّه لا بدّ من تقديم مقدّمة لها كمال الدخل في فهم المطلب وهي. فهم الفرق بين الاصول والأمارات.
فنقول : يجب في الاصول الاقتصار على مدلولها ، ولا يجوز التعدّي منه إلى شيء أجنبي عن مدلولها ، مثلا مدلول الاستصحاب عدم نقض اليقين بالشكّ ، فلو كان إناءان مشكوكا الطهارة وكان أحدهما مسبوقا بها دون الآخر ، ولكن علم التلازم بين طهارتيهما فحينئذ يبنى على طهارة الأوّل دون الثاني ، لعدم كون الحكم بطهارته من مصاديق عدم نقض اليقين بالشك ، ومدلول الأصل هو هذا لا غيره فلا يجوز التعدّي عنه.
وكذلك لو كان في طول المدلول ومترتّبا عليه ، كما لو شكّ في حياة الزيد بعد العلم بها ، وكان من لوازم حياته إلى هذا الزمان بياض لحيته ، وكان لبياض لحيته أثر شرعي كوجوب صلاة ركعتين ، فإنّه لا يحكم باستصحاب الحياة بوجوب الركعتين ، فإنّ بياض اللحية أجنبي عن مدلول الاستصحاب ، لعدم تحقّق المصداق ، لعدم نقض اليقين بالنسبة إلى بياض اللحية ، وإنّما تحقّق بالنسبة إلى الحياة وهي غيره.
نعم يحكم باللوازم الشرعية مثل طهارة الملاقي عند استصحاب الطهارة في ملاقاه ، فإنّ مدلول الأصل البناء على الطهارة ، ومعنى ذلك معاملة الطهارة التي من جملته طهارة ملاقيه.
وهذا بخلاف الإمارات ، فمعنى «صدّق العادل» مثلا : رتّب أثر الصدق على قوله وألق احتمال الخلاف ، فكلّ كشف يحصل للإنسان بواسطة الاعتماد على «صدّق العادل» لزم الأخذ به إذا كان كشفا لحكم شرعي ، فإذا علمنا التلازم بين طهارة