على الوسائط فيكون هنا تنزيلات طوليّة مترتّبة بعدد الوسائط وترتيبها ـ كان الإشكال متوجّها ؛ إذ يلزم على التقدير الأوّل في المقام إجراء التعبّد في خبر الشيخ ليثبت ببركته مقوله وهو قول المفيد ، ثمّ في هذا القول الثابت تعبّدا ليثبت ببركته قول الصدوق وهكذا ، وعلى التقدير الثاني إجراء الحكم أوّلا في قول الشيخ ثمّ جعل الملازمة بينه وبين قول المفيد وهكذا ، وحيث إنّ الأثر الملحوظ في التنزيل على كلّ من التقديرين وجوب التصديق لزم كون الحكم ناظرا إلى نفسه.
ولكنّ الأمر على خلاف ذينك التقديرين ، والحقّ في استكشاف حقيقة معنى الطريقية هو الرجوع إلى العرف في الطرق العرفيّة ، ونحن إذا راجعناهم وجدنا معنى طريقيّة قول الثقة مثلا عندهم هو الاعتبار بكلّ انكشاف كان منشائه حسن الظنّ بالثقة وبعد احتمال الكذب في خبره ، فلو فرض انكشافات طوليّة حاصلة بتوسّط الملازمة القطعيّة فهذه الانكشافات وإن كانت مترتّبة في الوجود ، ولكنّها في ملاك الأخذ عندهم في عرض واحد.
وكذا لو أخبر ثقة أنّه أخبر فلان الثقة بكذا ، فعين تلك الدرجة من حسن الظنّ والبعد المذكورين يحصل هنا كما يحصل عند إخبار الثقة بلا واسطة ، وليس الغرض التشبّث بهذا الأصل المطلب حتى يقال : لعلّ وجه الأخذ وجود المناط أو صحّة القضيّة الطبيعيّة ، بل المقصود التشبّث بهذا في فهم الطريقيّة الواردة في الأدلّة اللفظيّة الشرعية.
فنقول : الفرق بين «لا تنقض» وبين «صدّق العادل» هو الدوران في الأوّل مدار صدق العنوان ، وأمّا في الثاني فنحكم بشهادة ذلك الارتكاز العرفي أنّ كلّ انكشاف لحكم شرعي نشأ من الاعتماد بقول العادل ولو بغير هذا الحكم ، بحيث لزم من عدمه كذب العادل في خبر من أخباره ، فالشارع حكم بلزوم الأخذ بهذا الحكم ولو كان في البين وسائط عقليّة أو عاديّة ، فالجعل يتعلّق أوّلا بهذا الكشف المتعلّق بالحكم الشرعي ، لأنّه القابل للجعل من دون تعلّق له بتلك الوسائط أصلا.