يحكم بمجعولية الوجوب والحرمة في زمان الشك بنفس دليل الاستصحاب وإلّا فالحكم الواقعي لا يتعدّى عن الواقع ولا يثبت حال الشك لو لم يكن ثابتا في الواقع ، فإذا حكم الشارع ببقاء كل ما كان متيقنا في السابق تنزيلا فقد جعل ما يماثل المتيقّن السابق بحكمه هذا (١).
الثالث : أن يقال : يمكن إثبات القطع بعدم ترتّب العقاب على الفعل بالاستصحاب لا من جهة أنّه أثر للمستصحبات في حال الصغر حتى يقال إنه أثر عقلي لا يمكن إثباته ، بل من جهة أنّ عدم المنع عن الفعل مطلقا موضوع لحكم العقل بعدم ترتّب العقاب سواء كان عدم المنع واقعا أو ظاهرا.
وبعبارة أخرى : موضوع حكم العقل أعمّ من عدم المنع الظاهري والواقعي فإذا تحقّق موضوعه بالاستصحاب حكم حكما فعليا بعدم العقاب ، وهذا نظير موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة فإنه أيضا أعم من الحكم الشرعي الواقعي ، فإن ثبت بالاستصحاب وجوب شيء مثلا فإنّ العقل يحكم بوجوب إطاعته حكما فعليا ، وليس هذا من باب ترتيب أثر الواجب المتيقّن السابق حتى يقال إنّه أثر عقلي لا يمكن إثباته هذا ، وتمام الكلام يأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.
قوله : فتأمل (٢).
لعل وجهه منع عدم بقاء الموضوع المعتبر في الاستصحاب ، فإنّ عنوان
__________________
(١) أقول : وهذا كلّه لا ينفع في إثبات المطلوب ، لأنّ المستصحب فيما نحن فيه عدم المنع الذي هو من أفراد اللاحكم ، والاستصحاب لا يزيد عن جعل مماثل المتيقّن السابق حال الشك ، وليس الحكم مماثلا للاحكم.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٦١.