قوله : ومن هنا يعلم أنّ تغاير القسمين الأولين من الاستصحاب باعتبار كيفية الاستدلال (١).
الانصاف أنّ التغاير ليس بهذا الاعتبار بل باعتبار أنّ القسم الأول منهما هو أصالة البراءة المصطلحة عندنا المتكفّلة لحكم العمل من غير نظر إلى الواقع ، وأما القسم الثاني وهو عدم الدليل دليل العدم فهو ناظر إلى الحكم الواقعي ، وقوله : وهذا يصحّ فيما يعلم أنه لو كان هنا دليل لظفر به أما لا مع ذلك فيجب التوقف إلى آخره ، كالصريح في ذلك ، لأنّ التوقف لا يعقل في الحكم الظاهري في مقام العمل ، وحينئذ فما فهمه المحدّث من كلامه من الفرق بين ما يعمّ به البلوى وغيره في محلّه ، لكن لا في مورد أصالة البراءة المصطلحة ، وكيف كان لا تخلو عبارة المحقق عن الاختلاط ، ولعله أشار في القسم الثاني إلى اعتبار أصالة البراءة من باب الظنّ بالواقع أيضا فليتأمل ، فإن جعله من أقسام الاستصحاب غير مناسب كما لا يخفى.
قوله : وهل الأوامر الشرعية للاستحباب فيثاب عليه إلخ (٢).
وبعبارة أخرى هل هي نفسية بدعوى أنّ كون الاحتياط موجبا لإدراك الواقع حكمة ومصلحة تقتضي حسن الفعل أو الترك نفسا حتى في صورة عدم إدراك الواقع به لمكان أنّه في معرض إدراك الواقع ، أو غيرية ليس فيها سوى مصلحة الواقع لو صادفته. وبعبارة أخرى هل هي إرشادية أو مولوية. وبعبارة أخرى هل للاحتياط موضوعية من حيث عنوانه أو ليس فيه سوى الطريقية إلى إدراك الواقع.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٩٧.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٠١.