ثم لا يخفى أنّ العلم هنا أعم من العلم الوجداني أو الشرعي كما لو قام على حرمة أحد الإناءين مثلا بيّنة عادلة أو كان أحدهما غير المعيّن مستصحب الحرمة.
ثم إنه قد يكون الحرام المعلوم المشتبه بين الأطراف معلوم العنوان بأحد العناوين الأخر ككونه إناء زيد مثلا وقد لا يكون كذلك ، ولعله ينفعك هذه الأمور الثلاثة فيما سيأتي فانتظر.
قوله : في مقامين أحدهما جواز ارتكاب كلا الأمرين أو الأمور (١).
قد تعرّض المصنف لهذا المقام في رسالة القطع وأحال المقام الثاني إلى ما يذكره هاهنا ، وأشار إلى أنّ الأول مناسب لمسألة القطع وحجيته مطلقا ، والمقام الثاني يناسب أن يتعرّض له في مسألة البراءة ، وعلى هذا فتعرّضه للمقام الأول هاهنا استطرادي ، وقد ذكرنا هناك أنّ المقامين يناسب المقامين.
قيل إنّ تعرّضه للمسألة في رسالة القطع هو من حيث كون العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي مقتضيا لثبوت التكليف وعدمه ، وأما تعرّضه لها في مسألتنا من حيث ثبوت التكليف الفعلي وعدمه.
وفيه : أنّ التنجّز الذي تكلّم فيه هناك ليس إلّا فعلية التكليف ، ولو قيل إنّ المقصود من التعرّض في رسالة القطع إنما كان بملاحظة حكم العقل فقط والمقصود فيما نحن فيه تعرّض ثبوت الإذن الشرعي على مخالفة الحكم العقلي الأولي وعدمه لم يكن بعيدا ، وحينئذ يكون تعرّضه للحكم العقلي هاهنا استطراديا (٢).
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٩٩.
(٢) أقول : ولعل مراد ما حكيناه عن قول القيل هو هذا أيضا ، وهذا بحث لا طائل تحته.