وما يظهر من المصنف أنّ ذلك غير معقول للزوم التناقض في حكم الشارع ، لأنّ حكم الحرمة واقعا ثابت غير مقيّد بالعلم والجهل ، فإن حكم بالحلية والترخيص في مورد العلم الإجمالي مع وجود الحرام في البين واقعا حصل التناقض.
مدفوع أوّلا : بالنقض بالعلم الإجمالي بالتكليف المتعلّق بأحد الشخصين مع أنه قائل بأصل البراءة ، وعدم علم كلّ منهما بتعلّق التكليف به لا يدفع التناقض في حكم الشارع بعد ترخيصه لكل واحد ارتكاب خلاف العلم الإجمالي ، وبالنقض بجعل مطلق الأمارات والأصول التي قد تخالف الواقع جزما ، فإنّه مع بقاء الحكم الواقعي واقعا يحصل التناقض ويثبت ما رامه ابن قبة من أنّ حجية خبر الواحد موجبة لتحليل الحرام وتحريم الحلال.
وثانيا : بالحلّ ، وهو أنه لا مناقضة بين كون الشيء حراما واقعا حلالا في الظاهر سواء جعلنا الأحكام الظاهرية أحكاما أو أعذارا كما سبق تحقيقه وقلنا بمثل ذلك في العلم التفصيلي أيضا فإنّ حكم العقل بوجوب متابعته معلّق على عدم منع الشارع عنه وتعيين عمله بغيره من أصل أو أمارة كما نقول ذلك في القطاع ، ويشهد بذلك منع العمل بالظن القياسي حال الانسداد مع أنّ الظن حال الانسداد حاله حال العلم في زمان الانفتاح عند المصنف من كونه طريقا منجعلا يحكم العقل المستقل بوجوب متابعته كالعلم ، فلو لم يكن حكم العقل معلّقا لم يكن له وجه بل لم يمكن خروج القياس ، وبالجملة أنّ حكم العقل بحيث لا ينافي ترخيص الشارع لارتكاب الشبهة المحصورة ، ويبقى الكلام في ورود الترخيص كما هو الحق وسيتّضح ذلك فانتظر.