جريان أصالة الحلّ بالنسبة إلى كلّ من المشتبهين لحصول غايتها في محل المنع كما عرفته ، وقد سلك المصنف هذا المسلك هنا في موضع وفي رسالة الاستصحاب أيضا في موضع.
إلّا أنّ له مسلكين آخرين في بيان تنجّز العلم الإجمالي : أحدهما حكم العقل بوجوب مراعاة العلم الإجمالي كالتفصيلي بحيث لا يعقل الترخيص في المخالفة كائنا ما كان. وثانيهما : أنّ الأصلين في طرفي الشبهة جاريان في حدّ أنفسهما لكنهما متعارضان بسبب العلم الإجمالي فيتساقطان ، ويبقى العلم الإجمالي مقتضيا للاحتياط ، وسيأتي التكلّم على هذين المسلكين عند تعرّض المصنف لهما. فتحصّل مما ذكرنا أنّ العلم الذي جعل غاية في الخبرين خصوص العلم التفصيلي ولو مع قطع النظر عن لفظ بعينه أو عدم دلالته عليه ، فلا مانع من إجراء الأصل في أطراف المعلوم بالإجمال من هذه الجهة وهو المانع الشرعي عن تنجّز العلم الإجمالي ، وسيأتي تمام البيان.
قوله : قلت أما قوله (عليهالسلام) «كل شيء حلال حتى تعلم» (١).
الانصاف أنه لا فرق بين الروايتين في ظهورهما في أنّ الغاية هو العلم التفصيلي بشخص الحرام واحتمال التأكيد قائم فيهما ، فكما يحتمل في الرواية الأولى أن يكون قوله (عليهالسلام) بعينه تأكيدا لضمير أنه أو ضمير حرام كذلك يحتمل أن يكون في الرواية الثانية تأكيدا لضمير منه أو للحرام ، وهذا الاحتمال كما عرفت لا ينافي الظهور المذكور في أنّ الغاية هو العلم التفصيلي ، وغاية ما يمكن أن يقال في الفرق بينهما أنّ صدر الرواية الثانية لمّا فرض في الشيء أنّ فيه حلالا وحراما صار ذلك قرينة على كون المراد من معرفة الحرام بعينه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٠١.