البطلان مما لا يلتزمه القائل ظاهرا.
وأيضا يرد على القائل بناء على هذا الاحتمال في مراده كما هو ظاهر كلامه أنّ القول بحرمة ارتكاب مقدار الحرام لكونه محصّلا للعلم بارتكاب الحرام خروج عن المبحث ، لأنّ البحث في مسألة الشبهة المحصورة ليس إلّا من جهة ارتكاب المحرّم الواقعي الموجود بين الأطراف بالعلم الإجمالي لا من جهة طروّ عنوان آخر يقتضي حرمة بعض الأطراف بذلك العنوان ككونه محصّلا للعلم بارتكاب الحرام وككونه منهيا عنه بنهي الوالدين مثلا وأمثال ذلك (١).
ثم اعلم أنّ هنا احتمالا آخر في كلام القائل غير ما ذكر وهو أن يقول إنّ تحصيل العلم بارتكاب الحرام حرام لو كان بسبب ارتكاب ما يحتمل الحرمة لا مطلقا حتى يشمل ما لو ارتكب الحرام مثلا في السابق بوجه مجوّز للجهل ونحوه ويمكن أن يتفحّص عنه حتى يحصل له العلم بارتكابه الحرام سابقا ، لكن هذا الاحتمال أيضا مشارك للاحتمال السابق في عدم الدليل على حرمته ، مضافا إلى الوجهين اللذين أضفناهما إليه آنفا.
قوله : وإن أريد أنّ الممنوع عنه عقلا (٢).
هذا الشق من الترديد أيضا يحتمل وجهين : أحدهما أن يريد أنّ حرمة المخالفة العلمية صارت سببا لوجوب إبقاء مقدار الحرام ومانعا عن إجراء أصالة الحلّ فيه بحيث لو خالف وارتكبه بعد ارتكاب ما عدا مقدار الحرام كان حراما يعاقب عليه لو صادف الحرام الواقعي وإلّا كان تجرّيا ولم يحصل حرام
__________________
(١) أقول : اللهمّ إلّا أن يقال إنّ وجود المحرم الواقعي في البين هنا لمّا كان علّة لحصول ذلك العنوان الخارجي ناسب إدخاله في المبحث فتدبّر.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢١٥.