الله فمن يرتع حولها يوشك أن يقع فيه» (١) ونظائره ، فهو إرشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط مطلقا.
قوله : وفائدة الاستدلال بمثل هذا الخبر معارضته لما يفرض (٢).
توضيحه أن أخبار التثليث على هذا ليس مفادها إلّا الإرشاد بترتّب الهلاك والمفسدة التي تترتب على ارتكاب المحرّم الواقعي في نفسه ، ففي الشبهة البدوية التي لم يتنجّز التكليف بها لحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان تكون المفسدة المترتبة منقصة ذاتية ، وفي الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي التي تنجّز التكليف بها بحكم العقل يكون المفسدة المترتبة هي العقاب ، فحينئذ يمكن أن يورد عليه بأنّ الحكم بلزوم الاحتياط في الشبهة المحصورة قد استفيد من حكم العقل بتنجّز التكليف ، فما الفائدة في الاستدلال بخبر التثليث مع أنه إرشاد إليه ولا يفيد تكليفا مولويا نظير قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(٣) فإنه لا يفيد سوى إيجاب الواجبات وتحريم المحرّمات المدلولة عليها بأدلّتها ، أجاب بأن فائدته معارضته لما يفرض من الدليل على جواز ارتكاب أحد المشتبهين مخيرا وجعل الآخر بدلا عن الحرام الواقعي كالأخبار السابقة عموما وخصوصا ، لأنّ مقتضاها حلية أحد المشتبهين مخيرا وإن صادف الحرام الواقعي بجعل الآخر بدلا ، ومقتضى خبر التثليث حرمته وترتّب العقاب عليه لو صادف المحرّم ، ولو لم يكن خبرا لتثليث لم يكن معارضة بين ذلك الدليل وحكم العقل بوجوب الاجتناب عن المحرم الواقعي المستفاد عن أدلة عنوان المحرّم الواقعي ، لأنّه بعد ما فرضنا جواز ترخيص الشارع ارتكاب أحد
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٦١ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢٧ (مع اختلاف يسير).
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٢١.
(٣) النساء ٤ : ٥٩.