وثانيا : نمنع اشتراط وجود أثر وترتبه على المستصحب في جريان الاستصحاب ، بل الشرط مجرّد عدم كون الاستصحاب لغوا فيما يتعلّق بالشرع ، وهذا المعنى حاصل فيما نحن فيه ، إذ بالاستصحاب قد تحقّق موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال والإطاعة للشارع وهو كاف في عدم اللغوية.
ويترتب على ما ذكرنا من صحة جريان الاستصحاب كلام آخر في الشق الثاني وهو ما لو كان الاضطرار بعد العلم الإجمالي ، وهو أنه على القول بعدم لزوم الموافقة القطعية للعلم الإجمالي كما ذهب إليه المحقق القمي (رحمهالله) يمكن إثبات وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة بالاستصحاب ، فإذا علمنا بوجوب الظهر أو الجمعة مثلا وقلنا بأنّ العقل لا يحكم أزيد من حرمة المخالفة القطعية فيجب بحكم العقل فعل أحدهما ، فنقول بعد فعل ذلك نشك في بقاء نفس التكليف الواقعي لواقعيته فيستصحب ويجب به فعل الآخر بعين التقرير السابق ، وتمام التحقيق في مبحث الاستصحاب.
ثم اعلم أنّ ما ذكرنا من إمكان إثبات وجوب الاحتياط عن الباقي بالاستصحاب في الشق الأول بالتقريب المذكور إنما يتمّ فيما إذا حصل الاضطرار قبل العلم الإجمالي وبعد توجّه الخطاب الواقعي في الواقع ، كأن يكون هنا إناءان أحدهما خمر واقعا لكنه غير معلوم ولذا لم يتنجز التكليف ثم حصل الاضطرار بأحدهما المعيّن ثم حصل العلم الإجمالي ، وأما إذا حصل الاضطرار قبل تعلّق التكليف الواقعي المحتمل كأن كان هنا إناءان متيقنا الطهارة وحصل الاضطرار بارتكاب أحدهما المعيّن ثم وقعت قطرة بول في أحدهما ولم يعلم أنها وقعت في الإناء المضطر إليه أو غيره ، فإنّ هذا يرجع إلى الشك في تحقق التكليف الواقعي ويجري فيه البراءة لأنّها شبهة بدوية بكل وجه ، ويمكن حمل كلام المتن عليه ، وحينئذ لا إشكال عليه لكنه خلاف ظاهره ، ومع ذلك لا