بواسطة الحرج ، ولا ريب أن مطلق الشبهة باعتبار هذا الحكم الظاهري واقعة واحدة قد حكم فيها العقل بوجوب الاحتياط بملاك واحد ، وقد أشرنا عند التعرّض لقاعدة الحرج إلى أنها حاكمة على الأصول العملية كما أنها حاكمة على الأدلة الاجتهادية.
قوله : ووجهه أنّ كثيرا من الشبهات غير المحصورة لا يكون جميع المحتملات مورد ابتلاء المكلّف (١).
بناء على أنّ حكم العقل بوجوب الاحتياط مختصّ بما إذا كان جميع المحتملات مورد ابتلاء المكلّف كما هو مختار المصنف على ما حققه في بعض تنبيهات الشبهة المحصورة فهذا الجواب قوي متين ، وإن كان كلام فهو في المبنى ، وقد حققنا ما عندنا هناك ، لكنّه قيل إنّ هذا الوجه لا يكون جوابا عن الاستدلال بقاعدة الحرج للمقام ، بل يكون دليلا آخر لعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة في عرض القاعدة يستدل بكل منهما على المطلوب ولا منافاة بينهما. وفيه أنّ مراد المتن أنه على المبنى المذكور ليس هنا حكم حرجي نحكم برفعه للقاعدة ، إذ الحرج إنما يلزم من وجوب الاحتياط ولا دليل عليه في المورد حتى يلزم منه الحرج ويحكم برفعه ، هذا.
والأولى في الجواب عن هذا الدليل أن يقال : إنّ أدلة رفع الحرج من الآيات والأخبار وإن كانت ظاهرة في الحرج النوعي ما سوى رواية عبد الأعلى ، إلّا أنّ الظاهر منها بقرينة جملة من رواياتها أنها في مقام الدفع وبيان حكمة التشريع ، وأنّ الأحكام المجعولة في الشرع كلها سمحة سهلة وما كان عسرا وحرجا لم يجعلها الشارع ، لا أنّ الأحكام المجعولة قد رفع أفرادها
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٦٠.