الحرجية.
وقد يجاب أيضا : بأنّ أدلة رفع الحرج لا تدل إلّا على رفع الأحكام الشرعية الحرجية لا الأحكام العقلية كوجوب الاحتياط في مسألتنا هذه بدعوى انصرافها إلى ذلك.
ويمكن أن يجاب عنه أوّلا : بأنّ وجوب الاحتياط أيضا حكم شرعي بعد إمضاء الشارع لحكم العقل. وثانيا : بأنّ أدلة الحرج في المقام مثبتة لحكم الترخيص من الشارع لا رافعة لحكم الاحتياط ، وبيان ذلك : أنّ أدلة الحرج كأدلة الضرر قد يثبت بها رفع الحكم الثابت في مواردهما ، وقد يثبت بها ثبوت الحكم الذي يلزم من عدمه الحرج أو الضرر ، والأول واضح ، وأما الثاني فإنهم يستدلون على وجوب غرامة المتلفات بأدلة الضرر فيقال إنّ عدم جعل الضمان على المتلف ضرر على المالك أورد عليه المتلف ولا ضرر في الإسلام ، فيستكشف منه أنّ الشارع قد جعل حكم الضمان على الضار ، وهكذا نقول فيما نحن فيه بالنسبة إلى أدلة الحرج فإنّ عدم ترخيص الشارع ارتكاب الشبهة غير المحصورة حرج ولا حرج في الدين ، فيعلم من ذلك أنه قد جعل الترخيص والإباحة والحلية فليتأمل ، وقد أشبعنا الكلام في هذه الوجوه في تحقيق قاعدة الحرج في ثالث مقدمات دليل الانسداد من رسالة الظن من شاء فليراجع إليه.
قوله : فهي على عمومها للشبهة غير المحصورة أيضا أخص مطلقا من أخبار الرخصة (١).
وفيه أنه لا وجه لتقديم تخصيص أخبار وجوب الاجتناب بغير الشبهة الابتدائية لكي ينقلب نسبتها مع أخبار الحلّ من التباين إلى العموم والخصوص ،
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٦١.