ثم إنه لم يتعرّض لما يلزم على التمسك بالوجه الثاني والرابع والسادس ، والظاهر أنها كالوجه الأول أعني الإجماع قاصرة عن إفادة جواز ارتكاب الجميع ، لأن العسر النوعي يرتفع بعدم وجوب الموافقة القطعية بالاحتياط ، وأما حرمة المخالفة القطعية بلزوم إبقاء مقدار الحرام فلا حرج فيه نوعا ، وكذا رواية المحاسن لا إطلاق فيها بحيث تفيد حلية جميع الأطراف ، بل مفادها أنه من أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة لا يحرم جميع أطراف الشبهة ، وأما أنّ المرخّص فيه هو الجميع أو ما عدا مقدار الحرام فإنّ الكلام ليس مسوقا لبيانه.
وأما الوجه السادس فكأنه نصّ في عدم جواز ارتكاب مقدار الحرام منها وإلّا صار جميع الأطراف محلا للابتلاء والمفروض خلافه.
قوله : لكن مع عدم العزم على ذلك من أول الأمر (١).
بل مع العزم أيضا ، لأنّ مناط الرخصة وهو عدم الاعتناء بمثل هذا العلم الإجمالي عند العقل والعقلاء موجود في صورة العزم على ارتكاب الكل من أول الأمر تدريجا ، نعم لو كان غرضه من ارتكاب الجميع التوصّل إلى الحرام فإنّه يصدق به العصيان إذا صادف الحرام وهو كلام آخر يجري في الشبهات البدوية أيضا على ما مرّ بيانه غير مرّة من أنّ مثل هذا الجهل المقارن لقصد التوصّل إلى الحرام لا يكون عذرا للمكلّف في ارتكاب الحرام الواقعي المقتضي للعقاب لو لا العذر ، وأخبار الحلّ أيضا منصرفة عن الفرض المزبور.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٦٦.