العلم وترتيب المؤدى دون مثل لا تنقض اليقين تحكّم ، فكما تقول إنّ معنى صدّق العادل اجعل قول العادل بمنزلة العلم في جميع الآثار ، نقول إنّ معنى لا تنقض اليقين كن متيقّنا بالنسبة إلى جميع آثار اليقين حرفا بحرف إن لم نقل إنّه أظهر في هذا المعنى.
فإن قلت : فرق بينهما من جهة أنّه لا بدّ أن نحمل «لا تنقض اليقين» على معنى لا تنقض المتيقّن أو لا تنقض آثار اليقين ، ضرورة انتقاض اليقين الواقعي بالوجدان ، وهذا بخلاف مثل صدّق العادل.
قلت : لا حاجة إلى هذا التأويل في قوله (عليهالسلام) : «لا تنقض اليقين» بل المراد عدم نقض نفس اليقين ولكن تنزيلا لا تحقيقا حتى يكون مخالفا للوجدان ، وإن أريد لا تنقض آثار اليقين فالأمر أوضح.
ورابعا : أنّ معنى جعل الطريق وتنزيله منزلة العلم ليس إلّا جعله من حيث إراءة الواقع وأنّ سلوكه موصل إلى الواقع تنزيلا ، لا من حيث إنّه موضوع من الموضوعات ، وحينئذ يرجع هذا التقرير إلى التقرير الأول ويرد عليه ما يرد عليه ، نعم فرق بينهما من جهة أنّ المجعول بالأصالة على التقرير الأول نفس المؤدى منزلة الواقع وعلى التقرير الثاني نفس الطريق للوصول إلى المؤدى ، ولا يتفاوت ذلك فيما نحن بصدده من جهة كيفية الحكومة.
ومما يرد على هذا التقرير : لزوم ترتب جميع الأحكام التي أخذ العلم في موضوعها على الأدلة الاجتهادية ، إذ المفروض أنّها علم في حكم الشارع ، ولا أظن القائل يلتزمه.
التقرير الثالث وهو المختار : أن يقال ـ بعد ما عرفت في صدر المبحث أنّ المراد بالدليل كل ما اعتبره الشارع من حيث إنّه ناظر إلى الواقع وكاشف عنه ،