منهما حصول الواجب به أو بصاحبه ليس معنى قصد الوجه الذي أراده من يعتبره في العبادة كما لا يخفى على من راجع كلام العلّامة وغيره ، حتى أنّ العلّامة (رحمهالله) يقول بوجوب تميّز أجزاء الصلاة واجباتها عن مستحباتها مقدمة لقصد الوجه ، وإلّا أمكن أن يأتي بكل عبادة بقصد وجهه الواقعي عند الله الثابت في اللوح المحفوظ ، ومن الواضح أنهم لا يكتفون به.
قوله : ولا يلزم من نيّة الوجوب المقدمي قصده (١).
بل يلزم من نيّة الوجوب المقدمي قصده ، لأنّ من يتصوّر الوجوب المقدمي أعني ما يحكم به العقل مقدمة للعلم بالواجب ويقصده ، لا ينفكّ ذلك عن قصد الفعل لاحتمال وجوبه ، نعم لو غفل حين الفعل عن أنه واجب مقدمي وزعمه واجبا نفسيا أمكن الانفكاك ، فتدبّر.
قوله : وهذا الوجوب إرشادي لا تقرّب فيه أصلا نظير أوامر الإطاعة (٢).
إن كان الوجوب الإرشادي بمعنى ما يرجع إلى الاخبار كأوامر الطبيب فهو كذلك ، إلّا أنّ الأمر المقدمي ليس كذلك ، وإن كان بمعنى ما يرجع إلى الأمر والالزام والتحتيم ولو للغير ، فلا نسلّم عدم التقرّب بقصده وعدم كفاية قصده في تحقّق عنوان العبادة.
قوله : فيدور الأمر بين الاقتصار على أحد المحتملين (٣).
هذا أيضا يستلزم التشريع لو قلنا بأنّه إدخال ما لم يعلم أنه من الدين في
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٩.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٩٠.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٢٩٠.