في طريقتهم في الجعل ويتكلّم بلسانهم وليس له طريقة خاصة في جعله وإلّا لبيّنها ونبّه عليها ، فإذا كان دليل اعتبار الأصول قاصر الشمول لمورد الأدلة لا جرم تقدّم الأدلة عليها لتأخّر مرتبتها عن الأدلة ، ومثل هذا الورود قد يوجد في بعض الأدلة بالنسبة إلى بعض آخر كما أشار إليه المصنف في رسالة الاستصحاب في حجية الغلبة أو الاستصحاب بناء على حجيته من باب الظن ، فإنّهما دليلان حيث لا دليل غيرهما ولا يعارضان سائر الأدلة (١).
ويؤيد هذا الوجه أعني وجه الورود دون التخصيص والحكومة جملة من أخبار أدلة الأصول :
منها : رواية مسعدة بن صدقة : «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام ـ إلى قوله (عليهالسلام) ـ والأشياء كلها على هذا حتى يستبين غير هذا أو تقوم به البينة» (٢) حيث جعل الغاية أحد الأمرين من الاستبانة أو قيام البيّنة ، فإن لم نقل بكون الاستبانة أعم من الاستبانة بالعلم أو بالدليل المعتبر فعطف قيام البيّنة عليه كاف في المطلوب.
ومنها : مرسلة الصدوق : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٣) ، فإنّ ورود النهي أعمّ من الورود العلمي أو ما هو بمنزلة العلم في الاعتبار فكأنّه قال (عليهالسلام) : كل شيء مطلق حتى يرد فيه دليل معتبر.
ومنها : غير ذلك مما جعل الغاية مجيء شاهدين.
__________________
(١) أقول : في الحقيقة يرجع هذا الوجه إلى الوجه الأول لأنّه يصير على هذا موضوع الأصل كل شكّ لم يقم على أحد طرفي احتماله دليل تعبدي من قبل المولى أو الشارع ، ولو جعل هذا الوجه بيانا للوجه الأول كان أنسب فتدبّر.
(٢) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤ (مع اختلاف يسير).
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٧٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٧.