عليه إلّا عقاب التجري لو قلنا بحرمته وإلّا فلا عقاب عليه.
قلت : ليس كذلك ، لأنّ مفاد أخبار البراءة لا يزيد على أنّ العقاب على ترك الصلاة المستند إلى ترك الجزء المشكوك مرفوع ، فلا ينافي ذلك صحة العقاب على ترك الصلاة الواقعي المستند إلى ترك غير هذا الجزء المشكوك فيه. وبعبارة أخرى : رفع العقاب على مخالفة الواقع في موارد الأصول والأعذار الشرعية إنما هو فيما إذا اعتذر المكلّف في مخالفة الواقع بما جعله الشارع عذرا له وعمل بما جعله حكما شرعيا ظاهريا له في حال العذر كما مرّ تحقيقه غير مرة ، وحينئذ فإن أتى بالأقل فهو معذور في ترك الواجب الواقعي إن كان هو الأكثر ، وأما إذا ترك الأقل فيصحّ عقابه على ترك الواجب الواقعي وهو الأكثر لأنّه تركه من غير عذر يصحّ أن يعتذر به شرعا ، وكيف كان فظاهر كلام صاحب الفصول بل صريحه أنّه زعم أن مفاد أخبار البراءة مساوق للبراءة العقلية في أنّ موردها ما إذا لم يكن للمكلف طريق إلى وجه عمله لا إلى الحكم الواقعي ولا الظاهري ، وليس كذلك بل مفادها أنه كل ما جهل حكمه الواقعي فهو مرفوع عنه ولا يثبت اشتغال المكلف به ، وحينئذ فلا يحكم العقل باشتغال ما سوى المعلومات ، وزعم أيضا أنّ نفي وجوب الجزء بأخبار البراءة لا ينتفي معه احتمال جزئية الجزء للواجب المعلوم إجمالا ، والعقل يحكم بلزوم إتيان ذلك المشكوك من هذه الجهة مقدمة للعلم بإتيان المعلوم بالإجمال ، ولذا جعل التحقيق التمسّك بهذه الأخبار على نفي الحكم الوضعي من الجزئية والشرطية ، ولا يخفى أنّ نفي الوجوب الغيري للجزء يكفي في رفع الاشتغال بما هو هذا الجزء جزء له واقعا فيكتفى به عن نفي الجزئية.