واحدا جعل ربط بين الأجزاء بحيث يكون كل جزء مقيدا بالآخر لا يوجد بدون وجود قيده ، وحينئذ فقوله فالجعل والاختراع فيها من حيث التصوّر والملاحظة لا من حيث الحكم إلى آخره لا معنى له بل هو جعل تصديقي ومن حيث الحكم قطعا ، إذ لو لم يكن كذلك بل كان ملاحظة الأجزاء من حيث التصوّر فقط لكانت الأجزاء واجبات متفرقة يحصل امتثال كل واحد منها بدون امتثال الأجزاء الباقية لعدم تقيّد واحد منها بالباقي ويكون نظير قوله أكرم العلماء فإنّ إكرام كل واحد من العلماء مطلوب مستقلّ يحصل الامتثال والمخالفة بإتيان نفسه أو تركه من دون ربط له بالباقي.
فإن قلت : قد لوحظ انضمام بعض الأجزاء بالبعض تصورا أيضا وتعلّق الأمر بالكل بحيث يكون وصف الانضمام أيضا مأمورا به فلذا لا يجوز ولا يصح الإتيان بالبعض دون البعض.
قلت : إنّ هذا أيضا يرجع إلى تعدد المطلوب بل عينه ، إذ لو أخلّ ببعض الأجزاء حينئذ وإن كان يلزمه الإخلال بوصف الانضمام الذي هو مأمور به أيضا لكن لا ينافي صحة الأجزاء المأتي بها ، فلا يعقل أن يكون المركّب مطلوبا واحدا حقيقة بحيث يكون الإخلال ببعض أجزائه موجبا للغوية باقي الأجزاء إلّا بجعلها بالمعنى المذكور وملاحظتها من حيث التصديق والحكم ، فتدبّر.
ومما يشهد على المدّعى بل يدل عليه : ما ذكره المحققون من أنّ الأوامر التي يستفاد منها الجزئية والشرطية والنواهي التي يستفاد منها المانعية والفساد لا بدّ أن تكون غيرية للإرشاد إلى أنّ المأمور بها دخيل في تحقق المركب والمشروط ، والمنهي عنها مانع عن تحققه وإلّا فإن كان الأمر أو النهي مولويا نفسيا لا يقتضي ذلك ، ألا ترى أنه لو وجب قراءة سورة معينة مثلا في الصلاة