المسجد واجبة من حيث كونها صلاة ومندوبة من حيث كونها في المسجد وهكذا الصلاة جماعة ونحوها ، وجعل ذلك من أدلة جواز اجتماع الأمر والنهي لتضاد الأحكام الخمسة بأسرها ، فلمّا جاز اجتماع الوجوب والندب جاز اجتماع الوجوب والحرمة لاتحاد المناط ، ومحصّل كلام هذا القائل أن طبيعة الصلاة بدون الأجزاء المندوبة واجبة وطبيعة الصلاة المشتملة على الأجزاء المندوبة مندوبة ، وباعتبار كونها مشتملة على الأجزاء الواجبة تكون واجبة أيضا. وأجاب عنه مانع الاجتماع بأن الصلاة المشتملة على الأجزاء المندوبة كالصلاة جماعة أو في المسجد من أفضل أفراد الواجب فهي بتمام أجزائها واجبة ، لكن كلا الوجهين خلاف التحقيق بل التحقيق أن يقال إنّ الأجزاء الواجبة مأمورة بالأمر الإيجابي والأجزاء المندوبة مأمورة بالأمر الندبي ومجموع الصلاة مأمور بأمرين كذلك ، هذا بحسب الحكم التكليفي.
وأما بحسب الوضع فيقال كما أنه جعل بعض الأجزاء ركنا في الصلاة وتلغو الصلاة الخالية عنه ، وبعض الأجزاء واجبا غير ركن يمكن صحة الصلاة بدونه أحيانا في حال الجهل أو السهو ، كذلك جعل بعض الأجزاء دخيلا في المركب في مقام الكمال ويكون الإخلال به موجبا لفوات الكمال لا الصحة ، فلطبيعة الصلاة صنفان صنف خال عن الأجزاء الكمالية واجب لا غير ، وصنف مشتمل على تلك الأجزاء وهو مشتمل على الواجب والمستحب وإنما يحصل الامتثال به باعتبار وجود الأجزاء الواجبة في ضمنه.
إذا تمهّد ذلك فنقول : لا مانع من إجراء أصالة عدم الجزئية الوجوبية بمعنى ما اعتبر في الصحة ، ولا تعارضه أصالة عدم الجزئية الندبية بضميمة العلم الإجمالي بمطلق الجزئية ، إذ لا يلزم من إجراء الأصلين طرح تكليف معلوم ، هذا على الوجه المختار في تصوير الجزء الندبي ، وأما على الوجه الأول فيقال