قوله : ومنه يظهر عدم جواز التمسك بأصالة عدم التفات الآمر حين تصوّر المركب (١).
إن أريد بعدم التفات الآمر عدم التفاته من حيث دخله في المركب فإنه يرجع إلى الشق السابق ، وإن أريد عدم التفاته مجردا عن حيث دخله فيه بالمرة ، ففيه أنه حينئذ أجنبي عما نحن فيه لا يترتب عليه أثر بل إجراء هذا الأصل لغو صرف ، وإن أريد عدم التفاته مقدمة لدخله في المركب ، ففيه أنه من أوضح أفراد الأصول المثبتة التي لا يقول بها المصنف ولا غيره ، وبالجملة لا كرامة في بيان هذا الشق وحمل كلام من استدلّ بأصالة عدم الجزئية عليه أو جعله أصلا مستقلا ، ويمكن أن يكون قوله فتأمل إشارة إلى ذلك. ويمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الالتفات إلى الجزء الوجوبي نحو من الالتفات وإلى الجزء الندبي نحو آخر من الالتفات والأصل عدم الالتفات على النحو الأول. وفيه أنّ الالتفات مقدمة لجعل الحكم إما الوجوب أو الندب ، ولا نعقل الفرق فيه في نفسه إلّا بعد عروض الحكم فيرجع إلى تفاوت الحكمين لا نفس الالتفات ، إلّا أن يراد منه الالتفات من حيث دخله في المركّب ، وفيه ما فيه.
بقي شيء لم يتعرض له المصنف : وهو أنّه لو علمنا بجزئية شيء للمركب مرددا بين كونه جزءا واجبا أو جزءا مستحبا ، فهل يمكن إجراء أصالة عدم الجزئية الوجوبية حتى يثمر الحكم بعدم وجوبه أم لا ، كما أنه يجري أصالة عدم وجوبه ولا يعارضه أصالة عدم استحبابه لأنه لا أثر لها فنقول : تحقيق ذلك مبني على فهم حقيقة الأجزاء المندوبة في الواجب ، فقال بعضهم إن المركب المشتمل على الأجزاء الواجبة والمندوبة واجب ومستحب باعتبارين ، كما أنّ الصلاة في
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٣٨.