فلا بدّ من إتيان ما يقطع بكونه مما يصدق عليه الصلاة في مقام الامتثال ، وهذا نظير ما إذا قال المولى لعبده ايتني بالماء ، فلا يجوز له أن يأتي بما شكّ في أنه ماء أو عصير ويقول إني أعلم بوجوب إتيان مائع سيّال رطب وأشك في اعتبار وصف زائد على ذلك ، بل لا بدّ أن يأتي بما يتيقّن أنه ماء ، ومن هنا يعلم أن في مسألة فقدان النص أيضا لو علم بالإجماع مثلا أنه تعلّق التكليف بمسمى الصلاة يجب الاحتياط بما يصدق به اسم الصلاة لو ترددت بين الأقل والأكثر ، بل يرجع ذلك إلى مسألة إجمال النص ، فينحصر مورد مسألة فقدان النص الذي يرجع إلى البراءة على القول به فيما لم يعلم تعلق التكليف بما يسمى باسم معيّن ، بل علم إجمالا بوجوب مركب له أجزاء معلومة وجزء مشكوك الجزئية ، وأما على مذهب الأعمي فإن لم يكن هناك إطلاق بأن كانت المطلقات الواردة في مقام الإهمال فيتمسّك في نفي الجزء المشكوك بأصالة البراءة ، وإن كان إطلاق يتمسّك بالإطلاق في نفيه ، ولعل مرادهم من جريان الأصل على مذهب الأعمي هذا المقدار.
قوله : والذي يقتضيه التدبّر في جميع المطلقات الواردة في الكتاب ، إلخ (١).
الظاهر أنه أراد به مثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(٢) ونحوه ، وإلّا فمثل قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) إلى آخر الآية (٣) ليس في مقام الإهمال بل في مقام البيان فيتمسك بإطلاقه ، وأما مطلقات الأخبار في باب الصلاة والوضوء والحج وغيرها فهي أكثر من أن
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٤٦.
(٢) البقرة ٢ : ٤٣.
(٣) المائدة ٥ : ٦.