محله فلا وجه لإرجاعه إلى الواجب التعييني.
قوله : فلعل الحكم بوجوب الاحتياط وإلحاقه بالمتباينين لا يخلو عن قوة (١).
بل الأقوى إلحاقه بالتعيين والتخيير العقلي في جريان أصالة البراءة عن خصوصية قيد التعيين الذي هو كلفة زائدة على القدر المعلوم ، وما أشار إليه في توجيه الاشتغال من أنه لا جامع هنا بين طرفي المعلوم بالإجمال يعلم بوجوبه تفصيلا حتى يصحّ نفي الزائد عليه المشكوك فيه بالأصل ، فيه أنه لا يحتاج صحة جريان الأصل إلى وجود جامع ينحل العلم الإجمالي إلى وجوبه تفصيلا ليرجع الزائد المشكوك فيه إلى الشبهة البدوية ، بل يصحّ أن يقال إنّ القدر المعلوم الذي لا مفرّ منه ليس إلّا الواجب المردّد بين كونه أحدهما المعيّن وأحدهما المخيّر بحيث لا يكون الواجب خارجا عن الأمرين ونحن في ضيق من هذا القدر ، ولا شكّ أنّ خصوصية كلفة وصف التعيين أمر زائد على ذلك المعلوم في ظرف الذهن ونحن في سعة منها بأخبار البراءة.
لا يقال : إنّ هذا التقرير يجري في كلي المتباينين فيقال إنّ القدر المعلوم من وجوب الظهر والجمعة هو الأمر المردد بينهما ، فيصح نفي تعيين أحدهما بالخصوص بأصالة البراءة عنه.
لأنا نقول : ليس كذلك لأنّا نعلم في المتباينين مضافا إلى وجوب أحدهما المردد عندنا أنّ الواجب معيّن في الواقع ، غاية الأمر أنّه اشتبه أنّ أيّهما ذلك المعيّن ، فلا يمكن نفي وصف التعيين عن أحدهما لأنّه داخل في القدر المعلوم ، وهذا بخلاف ما نحن فيه لأنّ وصف التعين أمر زائد على المقدار المعلوم ، ولا
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٥٨.