تحصيلا للبراءة اليقينية عن الاشتغال بإحدى الخصوصيتين المعلوم بالإجمال.
لا يقال : إنّ هذا العلم الإجمالي ينحل إلى علم تفصيلي بوجوب الإتيان بطبيعة الصلاة وشك بدوي بوجوب إتمام هذا الفرد المشكوك الصحة.
لأنّا نقول : ليس كذلك لأنّ الفرد الذي اشتغل به قد حصل به امتثال الطبيعة باعتبار الأجزاء التي أتى بها على تقدير صحة هذا الفرد وإنما هو مأمور بإيجاد الطبيعة باعتبار بقية الأجزاء ، فرجع الأمر بالأخرة إلى العلم بأنه إما أن يجب عليه الإتمام الذي هو بعض الصلاة أو الإعادة التي هي تمام الصلاة ، ولا جامع بينهما يعلم به تفصيلا ليكون الزائد عليه مشكوكا فيه.
قوله : واحتمال وجوبه وحرمة القطع مدفوع بالأصل ، إلخ (١).
لقائل أن يقول إنه ليس هذا من قبيل الشك في أصل التكليف ليكون محلا للبراءة ، بل من قبيل الشك في الفراغ عن التكليف المتيقّن ، فيكون موردا لقاعدة الشغل بيان ذلك : أنه قد يكون الشك في وجوب الإتمام ناشئا عن الشك في فقدان شرط لأصل التكليف كما لو شك الصائم في أثناء النهار في أنه يجب عليه إتمام صومه أم لا من جهة الشك في كون مرضه مضرا بالصوم أم لا ، أو من جهة الشك في أنّ الدم الذي رأته المرأة حيض أم لا ، فمع قطع النظر عن الاستصحاب الموضوعي لو كان جاريا يكون مرجع شكه إلى الشكّ في أنه مكلف بالصوم في هذا اليوم أم لا ، فتجري قاعدة البراءة ، وقد يكون شكّه في وجوب الإتمام ناشئا عن إتيان فعل اختياري يحتمل كونه مفسدا وهو عالم بكونه مكلفا جزما وعلى تقدير فساد عمله يكون قد خالف تكليفه بإفساده له ، فلا شكّ أنه والحال هذه مورد لقاعدة الشغل لأنه كان مكلّفا بوجوب الإتمام يقينا وعدم إفساده وعدم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٨١.