مقام الإنشاء والإلزام ليصحّ الاستدلال على الاحتمالين.
ثم إنّ الإيراد الثالث وهو احتمال بقاء الجملة الخبرية على ظاهره وحمله على إرادة الاخبار عن عادة الناس بأنّهم ما لا يدركون كله لا يتركون كلّه احتمال مرجوح في الغاية بالنسبة إلى شأن الإمام (عليهالسلام) ووظيفته من بيان الأحكام ، وإن كان قد تقتضي الحكمة والمصلحة بيان القصص والحكايات والاخبار عن أفعال الناس وعاداتهم فإنه نادر لا يحمل الكلام عليه إلّا مع ثبوت قرينة على ذلك ، وكذا إيراده الثاني مبني على مختاره من عدم ترجيح التخصيص على المجاز لو دار الأمر بينهما ، وأما على المشهور المختار في ترجيح التخصيص فهو غير وارد ، إلّا أن يقال إنّ خصوص المجاز اللازم في المقام أعني كون المراد من النهي مطلق المرجوحية من المجازات الظاهرة الشائعة الكثيرة الوقوع ، فيمكن منع أشيعية التخصيص عنه وأرجحيته منه.
قوله : لأنّ المراد بالموصول في نفسه ليس هو العموم قطعا لشموله للأفعال المباحة ، إلخ (١).
يعني أنّ قصر الموصول على غير المباحات والمحرّمات والمكروهات ليس من باب التخصيص بل من باب التخصّص وتضييق دائرة العموم من أول الأمر بقرينة «لا يترك كله». وبعبارة أخرى ينساق من هذه القضية أنّ كل فعل مركّب قابل لمطلوبية بعضه عند تعذّر كله إذا تعذّر كله وبقي التمكّن من بعضه فذلك البعض مطلوب ، فلا يشمل المباحات والمحرّمات والمكروهات ، وهكذا نقول بالنسبة إلى المندوبات بعد ظهور قوله «لا يترك كلّه» في التحريم أنه ينساق منها أنّ كل مركب قابل لحرمة ترك بعضه إذا تعذّر كله يحرم ترك ذلك
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٩٣.