القصر فلا يجب عليه القصر واقعا ويعاقب على ترك التعلّم الواجب في نفسه كما يقول به الأردبيلي (رحمهالله) (١) وصاحب المدارك (رحمهالله) (٢) ، لكنا نقول به في خصوص مورد الاستثناء لا مطلقا في جميع موارد الجهل ، وإما بدعوى صحة العقاب على ترك المقدمة التي لم يتحقق وجوب ذيها إذا كان عدم تحقق وجوبه مستندا إلى ترك المكلف للمقدمة وإلّا ففيه شأنية التحقق كما نحن فيه ، وكلتا الدعويين وإن كانتا معقولتين لكنّهما في غاية البعد كما لا يخفى ، ولا بأس بالالتزام باحداهما لو انحصر المناص فيهما.
قوله : وإما من جهة تسليم تكليفه بالواقع إلّا أنّ الخطاب بالواقع ينقطع عند الغفلة (٣).
وبعبارة أخرى ينقطع التكليف عند الغفلة خطابا لا عقابا ، ولا يخفى أن ظاهر هذه العبارة ثبوت الخطاب أوّلا في زمان ثم ينقطع عند الغفلة كما في الناسي بعد دخول الوقت ، والظاهر أنّ ذلك غير مراده ، بل المراد عدم ثبوت الخطاب من أول الأمر لأجل الجهل والغفلة.
ثم لا يخفى أنّه يحتمل أن يراد انقطاع الخطاب بحسب التنجّز لا عدم ثبوته في ظرف الواقع ، ويحتمل إرادة انقطاعه واقعا وعدم ثبوته أصلا ، والأظهر في العبارة هو الأول ، وعليه فيرد عليه وعلى التوجيه الثاني إشكال التناقض الوارد في الأحكام الظاهرية المخالفة للأحكام الواقعية في موارد الأصول والطرق الشرعية المجعولة بناء على كونها أحكاما شرعية في قبال الأحكام
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٠.
(٢) المدارك ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ و ٣ : ٢١٩.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٤٣٨.