قوله : والموارد التي قام فيها غير الواجب مقام الواجب ، إلخ (١).
وفيه : أنّ بعض الموارد التي قام فيها غير الواجب مقام الواجب يكون المسقط غير فعل المكلف كما إذا وجب عليه غسل ثوبه للصلاة فغسله غيره ، أو أصابه المطر فطهر ونحو ذلك ، فيسقط به الواجب ولا يعقل فيها ثبوت الأمر للبدل كما لا يخفى ، إلّا أن يقال إنّ يقال إنّ المراد ما قام غير الواجب من فعل المكلف مقام الواجب من فعله ، لكن يرد عليه أيضا أنّ ما يسقط به الواجب من فعل المكلف قد لا يكون مأمورا به قطعا كأن يكون حراما مسقطا للواجب فلا يعقل كونه مأمورا به ، لكن ذلك إنما يتصور في التوصليات دون التعبديات ، نعم يتم ما ذكره في التعبديات لو سلّمنا أنّ الظاهر ثبوت الأمر بالبدل وهو في محلّ المنع أيضا ، ولعله إلى بعض ما ذكرنا أشار بقوله فتأمّل.
قوله : والثالث ما ذكره كاشف الغطاء (رحمهالله) من أنّ التكليف بالإتمام مترتب على معصية الشارع بترك القصر (٢).
هذا الترتب الذي أشار إليه كاشف الغطاء مما لا بد من التزامه وتعقّله بنحو من الأنحاء لا مفرّ منه ، لأنّا نجد بالوجدان أنّ فرضه واقع في المطلوبات العرفية بالنسبة إلى الموالي والعبيد وغيرهم من الآمرين والمأمورين ، ألا ترى أنه قد يأمر الشخص عبده أو ابنه مثلا بالسفر للتجارة تعيينا لا يرضى بتركه بوجه من الوجوه ثم لمّا علم أن العبد أو الولد لا يطيعه في ذلك ويترك سفر التجارة ، يأمره بغيره من الاشتغال بخدمة أو صنعة أو حرفة ونحوها بحيث يكون المأمور عند اشتغاله بما أمره الآمر ثانيا وامتثاله له ملوما عند العقلاء بسبب مخالفته للأمر
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٣٩.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤٣٩ ـ ٤٤٠.