حكم من الأحكام للفعل المعنون بأحد هذه العناوين أصلا ، فإن ثبت حكم لنفس أحد هذه العناوين كان منافيا للعموم المذكور فلا بدّ من تخصيصه ويعود المحذور.
نعم ، لو كان معنى الرواية أنّ الأحكام الكلية الثابتة للموضوعات بعموم أدلّتها أو إطلاقاتها مرفوعة في حال الخطأ والنسيان والجهل فيكون الرواية حاكما على أدلة الأحكام نظير أدلة العسر والحرج وأدلة الضرر بالنسبة إلى أدلة الأحكام ، ولا يمكن أن تكون ناظرة إلى الأحكام المجعولة للفعل بقيد الخطأ والنسيان والجهل ، إذ لا معنى لرفعها إلّا النسخ ، والدليل الحاكم شارح ومبيّن للمحكوم بالتخصيص والتقييد لا ناسخ ، هذا.
والدليل على أنّ معنى الرواية هو المعنى الأول دون الثاني هو الدليل على أنّ المرفوع جميع الآثار دون خصوص المؤاخذة بعينه وهو كونه أقرب إلى رفع حقيقة المذكورات ، ويشهد له أنّه لو ألحق بقوله : رفع النسيان مثلا قوله : إلّا نسيان أجزاء الصلاة غير الأركان كان صحيحا ، بخلاف ما لو أريد منها المعنى الثاني فلا يصح مثل هذا الاستثناء لعدم دخوله في المستثنى منه كما عرفت ، والمصنف أيضا يحملها على هذا المعنى بقرينة حمله الرفع على أعمّ منه ومن الدفع مع قيام المقتضي للتكليف شأنا كما سيجيء في كلامه ، بل هذا صريح قوله بعد أسطر : فلا يشترط في تحقق الرفع وجود دليل يثبت التكليف في حال العمد وغيره (١) انتهى.
فإن قلت : لو حملت الرواية على المعنى الأول فلا وجه لتقديمها على سائر الأدلة مع كون النسبة بينهما عموما من وجه ، بخلاف حملها على المعنى
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٣ ـ ٣٤.