نظيره قبيل ذلك ، فتدبّر. لكن لا يمكن حمل الرفع على ظاهره على سياق ما قبله ، فيكون الرفع بالنسبة إليه بمعنى الدفع أي عدم جعل التحريم الذي يقتضيه فعل الحسد لو لا ملاحظة الامتنان ، فعلى هذا لا بدّ أن يكون المراد من الرفع ما يعمّ الدفع كما ذكره المصنف.
وهكذا بالنسبة إلى التفكّر في الوسوسة فإنّ المراد من الرفع فيه رفع المؤاخذة أي التحريم المستلزم لاستحقاق المؤاخذة على الفعل ، فيرجع إلى الدفع. ويمكن أن يكون المراد رفع أثر الكفر بمثل هذه الشكوك ترتسم في الخيال بحيث لو نطق بما تخيّل يحكم بكفره ، فيكون الرفع حينئذ بمعناه.
وأما الطيرة فيحتمل أن يكون المرفوع فيها أيضا المؤاخذة ، وأن يكون أثر ما يتطيّر به كطيران الغراب من جانب الشمال مثلا من المضرة بناء على أنّ ذلك كان مقتضيا للمضرّة كما يشهد له عطفه على «عدوى» في رواية «لا عدوى ولا طيرة» (١) أو أثر نفس الطيرة من المضرة كما يستأنس له خبر تفألوا بالخير تجدوه (٢) أو يكون الأثر هو التحريم العرفي المذكور في أذهان العامّة ويردعهم ذلك عن مقاصدهم ، فيراد رفع ذلك التحريم بالاقدام على الفعل ولو ترتّب عليه ما يعتقدونه من الضرر ، لكن مقتضى الامتنان عدم ترتّب الضرر المحذور منه.
ولا يخفى أنّ المراد من الرفع على هذا الأخير وسابقيه ظاهره ، وعلى الأول الدفع. وأظهر الوجوه الثالث ثم الرابع بملاحظة كون المرفوع أثر فعل الطيرة فيهما ويكون في سياق الستّة الأول ، والوجه الأول في نفسه بعيد عن اللفظ وإن لم يكن فيه منافاة لظاهر الرفع والمرفوع فيه أثر الفعل ، هذا.
__________________
(١) المستدرك ٨ : ٢٧٨ / أبواب أحكام الدواب في السفر ب ٢٢ ح ١.
(٢) ورد في غرر الحكم ١ : ٣١٠ ما نصه «تفأل بالخير تنجح».