يطيقون» أيضا يكون الرفع بالمعنى المذكور بأن يقال إنّ الحكم الواقعي ثابت مطلقا حتى على المكره والمضطرّ والعاجز إلّا أنه رفع ظاهرا فلا يعاقب عليه كالجاهل والناسي والخاطئ.
فإن قلت : هب أنّ تكليف المكره والمضطر ممكن بتحمّل الضرر المتوعّد عليه في الأول وتحمّل مطلق الضرر الذي دعته الضرورة في الثاني ، إلّا أنّ تكليف العاجز قبيح عقلا لكونه مما لا يطاق ، فلا يصحّ جعله ولا امتنان في رفعه فإنّه منفي بحكم العقل.
قلت : إنّ الفعل غير المقدور لو فرض كونه مشتملا على المصلحة التامة الموجبة للحكم إيجابا وتحريما لا مانع من جعل حكمه في الواقع مطلقا حتى باعتبار حال العجز كما هو كذلك بالنسبة إلى الجاهل والناسي مثل إنقاذ الغريق مثلا فإنّا نعلم أنّ المصلحة المقتضية لإيجابه تامة مطلقا غاية الأمر عدم العقاب على تركه حال العجز كحال الجهل بعينه ، وتظهر فائدة وجوبه الواقعي في صورة التزاحم فإذا دار الأمر بين إنقاذ غريق أو غريق آخر وفرض كون إنقاذ أحدهما أهمّ من الآخر فاللازم فعل الأهم وترك الآخر ، لكن لو عصى وأنقذ غير الأهم فإنّه أتى بالواجب وحصل الامتثال وترتّب عليه ثوابه وإن عوقب أيضا على ترك الأهم. وأما حصول الامتنان في رفعه فباعتبار إمكان التنجّز بمثل التحفّظ ونحوه من مقدماته ولو البعيدة بحيث كان يصحّ العقاب عليه لو لا الرفع كما قلنا في تصوير الامتنان بالنسبة إلى الخاطئ والناسي والجاهل.
وأما الحسد فبمقتضى سياق ما ذكر في أخواته يراد به فعل الحسد أعني فعل القلب ورفعه باعتبار عدم تحريمه الذي قد يقال إنه يحكم به العقل ، ولا بد أن يراد به حكم العقل المعلّق على عدم رفع الشارع وترخيصه للفعل كما تقدم