أنّ ظاهر الخبر أنّ الناس في سعة حكم لا يعلمونه تكليفيا كان أو وضعيا وفي سعة موضوع لا يعلمونه بعنوانه المعلوم الحكم ، فباعتبار شموله للشبهة الحكمية التكليفية نستدل به على ما نحن فيه ، إذ لا معنى لكون الناس في السعة فيها سوى عدم العقاب على الفعل والترك.
وعلى تقدير حمل كلمة ما على الظرفية أنّ معناه أنّ الناس في سعة بالتنوين ما دام لا يعلمون فيما لا يعلمون كما هو الظاهر ، لا أنّهم في سعة ما دام لا يعلمون شيئا من الأحكام كما توهّم ، فيشمل الفعل المجهول الحكم وهو المطلوب ، فلا فرق بين الاحتمالين بالنسبة إلى المعنى المقصود في هذا الباب.
نعم بينهما فرق بالنسبة إلى شموله للحكم الوضعي ، فإنّه على الأول يدل على الإجزاء وعدم لزوم الإعادة والقضاء بجهل جزء أو شرط في الصلاة مثلا لو أتى بها بغير ذلك الجزء أو الشرط إذ هو في سعة ذلك الجزء والشرط مطلقا ، بخلافه على الثاني فإنّه لا يدلّ إلّا على السعة ما دام عدم العلم.
قوله : وفيه ما تقدم في الآيات من أنّ الأخباريين (١).
إنّ هذا الجواب مبني على أن يكون نفي العلم في الرواية متعلّقا بمطلق الحكم أعم من الواقعي والظاهري ، فللأخباري حينئذ أن يقول أنا أعلم بالحكم الظاهري أي الاحتياط بأخباره.
وفيه : أنّ الظاهر منه نفي العلم بالحكم الواقعي ، والعجب أنّ المصنف يقول في قوله (عليهالسلام) : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٢) أنّ ظاهره النهي الواقعي لا الأعم من النهي الظاهري ، مع أنّ هنا ليس أظهر من ظهور ما لا
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤١.
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٧٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٧.