العقد وعدمه ناش عن الشك في حلّية نكاح المرأة في حد نفسها وحرمته ، وهو مسبب عنه ، فبإجراء أصالة الحلّ في الشك السببي يرتفع الشك في المسبب وهو الشك في تأثير العقد.
لا يقال : إنّ الشك في تأثير العقد هنا من جهة الشك في قابلية المحلّ لتأثير العقد فيه وعدمها ، ولا يمكن إثبات القابلية بأصالة الحلّ ولا بعموم أدلة العقود ، وإنّما يصح التمسّك بهما بعد إحراز القابلية والشك في الثبوت.
لأنّا نقول : ما ذكرت إنّما يصح في غير الشك في القابلية الشرعية كالقابلية العقلية والعادية والعرفية ، وأما القابلية الشرعية الناشئة من حكم الشارع بحلّية تزويج المرأة الخلية غير المعتدّة وحرمة تزويج المعتدّة فيمكن إحرازها بالأصل ، إذ ليست هي شيئا وراء الحكم الشرعي كما لا يخفى.
قوله : ومحصّله لزوم التفكيك بين الجهالتين ، فتدبّر فيه وفي دفعه (١).
لا يحضرنا شيء في دفعه ، والالتزام بالتفكيك لا بد منه لأنّ الجاهل الغافل لا يقدر على الاحتياط مطلقا سواء كانت جهالته بحكم الحرمة أو بموضوع كونها في العدة ، والجاهل الملتفت يقدر على الاحتياط في الجهالتين ، فتعليل أهونيّة جهالة الحكم بعدم القدرة معها على الاحتياط لازمه فرض الجاهل فيه غافلا وفرض الجاهل في موضوع العدة ملتفتا ، وهذا هو التفكيك المستبعد.
ولعل السر في التفكيك أنّ الغالب في الجاهل بالحكم هو الجاهل الغافل ، لأنّ الملتفت لا يجهل مثل هذا الحكم الواضح بين المسلمين ، بخلاف الجاهل
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٥.