بالموضوع فإنّه قد يكون غافلا وقد يكون ملتفتا على حدّ سواء (١).
بقي الكلام في شيء وإن لم يتعلّق بمسألتنا هذه وهو أنه قد ذكر في ذيل الرواية أنه لو كان أحد المتناكحين في العدّة عامدا والآخر جاهلا كان الحكم الحرمة الأبدية بالنسبة إلى خصوص العامد ، يعني دون الجاهل فإنّه لم تتحقق الحرمة بالنسبة إليه ، ولازمه أن يكون العقد بينهما صحيحا بالنسبة إلى أحدهما واقعا فاسدا بالنسبة إلى الآخر واقعا ، وهو غير معقول فإنّ الزوجية نسبة واحدة تحصل بين الزوجين أثرها الحلّية من الطرفين فإن حصلت ترتّب أثرها من الطرفين وإلّا لم يترتّب الأثر أصلا ، ولا معنى للتفكيك بين الجانبين بأن تكون المرأة زوجة للرجل مثلا ولا يكون الرجل زوجا للمرأة أو بالعكس. وبعبارة أخرى يكون الرجل مثلا مالكا لبضع المرأة ولا تكون المرأة مملوكة البضع للرجل. وبوجه آخر لا يعقل إنشاء العقد الكذائي بحيث يصحّ من جانب ويبطل من جانب آخر ، وهذا مثل أن يقال يصح البيع من جانب ويبطل من الجانب الآخر بأن يحصل التمليك من الأول ولا يحصل التمليك للثاني واقعا.
وقد أجاب عن الإشكال في الجواهر (٢) بعد بيان عدم معقولية التبعيض واقعا بما حاصله : أنّ معنى الخبر أنّ الحرمة الأبدية هاهنا إنما جاء من قبل علم العالم منهما دون جهل الآخر ، وقد صرّح بعدم صحّة التبعيض الواقعي الشهيد في المسالك قال وإن أمكن في ظاهر الحال كالمختلفين في صحة العقد وفساده (٣) انتهى ، لكن علل عدم صحة التبعيض في الواقع بأنّ الفرض حرمة النكاح واقعا
__________________
(١) أقول : وفيه نظر ، لأنّ العلة تجري في الجهل بكونها في العدة أيضا في صورة غفلته فكيف تكون الجهالة بأنّها محرّمة عليه أهون من الجهالة بكونها في العدّة مطلقا لهذا التعليل فتدبّر.
(٢) الجواهر ٢٩ : ٤٣٢.
(٣) المسالك ٧ : ٣٣٧.