الفرق بين المقامين هو ان المسألة الثانية تكون من صغريات البحث عن المسألة الأولى على فرض القول بالامتناع والتعارض فانه إذا ثبت في المقام انه لا يمكن اجتماع الأمر والنهي في الصلاة في الدار المغصوبة يظهر ان العبادة كذلك غير صحيحة فيقال بان النهي في العبادات موجب للفساد لعدم جواز الاجتماع واما على فرض القول بالاجتماع فلا يكون كذلك لأن الفرض أن النهي عنها موجود.
وقال المحقق الخراسانيّ (قده) بان الفرق بين المقامين هو تعدد الجهة ووحدتها وان المقام يكون كبرى للنهي في العبادة إذا قلنا بعدم جواز الاجتماع وبتقديم جانب النهي لأنهما على هذا ينتجان نتيجة واحدة لكن مع كون ذاك الباب عنده أيضا باب التزاحم.
وفيه ان الفرق بين المقامين هو ان القائل بعدم جواز الاجتماع هنا يقول بصحة العبادة في الدار المغصوبة مثلا في حال الجهل لعدم تنجيز النهي فالامر يؤثر اثره بخلاف باب النهي في العبادة فانه سواء كان عالما أو جاهلا تكون العبادة باطلة لعدم الملاك في العمل كذلك فالفرق الواضح بين المقامين هو هذا ولم يكن ذاك الباب من صغريات هذا الباب ولو قلنا بالتعارض وبتقديم جانب النهي واما ما قاله (قده) من ان ذاك الباب باب التزاحم ويكون وجود النهي مانعا من الامتثال ويكون هذا المقام كبرى لذاك المقام فهو على حسب مبناه من التزاحم فلقد أجاد على مبناه فيما أفاد ولا يكون عليه إشكال لكن حيث ان النهي في العبادات يكون بابه باب التعارض كما سيجيء يكون مبناه فاسدا.
فتحصل ان التحقيق هو ان باب النهي في العبادات باب التعارض ببيان ان النهي إذا صار مقدما لا يبقى ملاك الأمر حتى يقال بصحة العبادة في صورة الجهل بواسطة الملاك بخلاف المقام فانه على فرض إمكان وجود المحبوبية والمبغوضية كلتيهما في نفس المولى سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي أو لم نقل يمكن تصحيح العبادة بواسطة الملاك في صورة الجهل وعدم فعلية النهي.