تذييل في بطلان العبادات والمعاملات بالتشريع
في ان إتيان العبادة أو المعاملة تشريعا هل يوجب الفساد أم لا فيه خلاف وقد يقال بفساد العمل مطلقا عبادة أو معاملة وقد يقال بالتفصيل بين ان يكون العمل عبادة أو معاملة ففي الأولى يوجب الفساد دون الثانية وقد يفصل بين كون قبح التشريع مسريا إلى العمل من باب انه مقوم له وبين عدمه فعلى الأول يوجب الفساد دون الثاني ولتوضيح المقام ليتضح المرام مقدمة في معنى التشريع فاعلم انهم عرفوه بأنه إدخال ما ليس من الدين في الدين.
فأقول ان المشرع لا يخلو عن ثلاث حالات حينما يشرع فانه اما ان يرى نفسه نبيا وانه مربوط بواسطة الوحي وغيره إلى الله تعالى ويجعل القوانين كمن يدعى النبوة وهذا القسم وان كان أسوأ من التشريع بالمعنى المعروف من انه إدخال ما ليس من الدين في الدين ولكن لا ينطبق عليه التعريف لأن الفاعل كذلك لا يعتقد بهذا الدين حتى يكون حكمه إدخالا لما ليس من الدين فيه بل رأى لنفسه ولمن يتبعه دينا مستقلا فعمله فاسد وفساده يكون لكفره.
واما ان يعتقد بالدين ولكن يرى حكما من الأحكام من الدين من باب انه يرى قصورا في التبليغ لضيق خناق النبي الّذي أرسل إلى الناس وعدم استعداد قومه للتبليغ فنقول هذا من الدين ولكن لم يبلغه النبي كجعل الأحكام من أمثال الكسروي في هذه الأزمنة المتأخرة وهذا يصدق عليه التعريف بأنه إدخال ما ليس من الدين في الدين.
واما ان لا يرى قصورا في النبوة والرسالة ولا يجعل حكما ولكن يرى بحسب عقله ان بعض ما هو من المباحات يكون واجبا في بعض الأزمنة مثل من يجعل القانون الإجباري في النظام فانه لا يرى نفسه جاعلا لحكم مخالف للشرع بل يرى حفظ النظام الاجتماعي في ذلك فيجعل هذا القانون لحفظه.