وفيه : أنّ من أسباب انعقاد الظّهور هو العلم بالوضع ومعرفة المعنى الحقيقيّ ، وأنت تعلم ، أنّه لا يحصل إلّا من ناحية التّبادر.
وعليه : فللبحث عنه فائدة وثمرة عمليّة ، حتّى على مبنى مدار الحجيّة هو الظّهور ، فلا وجه للتّفصيل.
لا يقال : كيف تترتّب ثمرة عمليّة على هذا البحث مع أنّ تبادر المعنى من لفظ : «الكتاب» أو «السّنّة» في زماننا هذا ، لا يثبت تبادره منهما في زمن النّزول والصّدور حتّى يحمل عليه؟!
لأنّه يقال : إنّ هذه العقدة تنحلّ بجريان أصالة عدم النّقل ـ المعبّر عنه بالاستصحاب القهقري ـ المعتضدة بسيرة العقلاء وبناء أهل المحاورة ، حيث إنّهم يتمسّكون بها في فهم معاني ألفاظ الكتب والرّسائل والأسناد القديمة ، بل هذا الأصل ممّا يدور عليه استنباط الأحكام الشّرعيّة من ألفاظ الكتاب والسّنّة.
«تكميل»
قد عرفت : أنّ التّبادر إنّما يكون من علائم الحقيقة إذا كان من حاقّ اللّفظ ، وإلّا فالمعنى المجازي ـ أيضا ـ يتبادر بمعونة القرينة.
وعليه : فهل يمكن إحراز التّبادر الحاقّي ، بأصالة عدم القرينة ، كما ذهب إليه المحقّق الجيلاني القمّي قدسسره (١) أو بالظّن ، بأنّ ذلك هو معنى الحقيقيّ للّفظ ، كما عن صاحب الفصول قدسسره (٢) أو بالاطّراد وهو انسباق المعنى من اللّفظ في جميع الأحوال
__________________
(١) راجع ، قوانين الاصول : ص ١٤.
(٢) راجع ، الفصول الغرويّة : ص ٢٦.