وفيه : أنّ المراد من كون اللّفظ وجودا للمعنى ، هو أنّه موضوع له ومجعول بإزائه ، فلا مانع من وضعه بإزاء معنيين ، ولا يلزم حينئذ صيرورته موجودين ، كما لا يخفى.
ومنها : ما عن المحقّق النّائيني قدسسره من : «أنّ الاستعمال ... ليس إلّا ايجاد المعنى في الخارج وإلقاءه في العين ، والملحوظ أوّلا وبالذّات هو المعنى ، واللّفظ ملحوظ بتبعه ، فلازم الاستعمال في المعنيين تعلّق اللّحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين ، ولازمه الجمع بين اللّحاظين في آن واحد وهو ممتنع عقلا». (١)
وفيه : أنّ الحكم بثبوت شيء أو عدمه ـ على وجه الهليّة البسيطة ، ومفاد «كان» أو «ليس» التّامتين ـ أو ثبوت شيء لشيء ، أو سلب شيء عن شيء ـ على وجه الهليّة المركّبة ومفاد «كان» أو «ليس» النّاقصتين ـ أجلى شاهد على أنّ النّفس العاقلة تقدر على الجمع بين اللّحاظين ؛ حيث إنّ الحكم المذكور يستدعي لحاظ كلّ من المحكوم عليه وبه والنّسبة بينهما في آن واحد.
ومنها : ما عن المحقّق المشكيني قدسسره محصّله : أنّ حقيقة الاستعمال جعل اللّفظ قالبا للمعنى وفانيا فيه بحيث إذا ألقي ، فكأنّه ألقى نفس المعنى ، فلا مجال حينئذ لجعله قالبا لمعنى آخر ، وإلّا لزم أن يكون شيء واحد شيئين. (٢)
وفيه : أن الاستعمال ـ على ما عرفت آنفا ـ ليس إلّا جعل اللّفظ آلة لإفادة المعنى وما به ينظر إليه ، ولا دليل على امتناع جعله كذلك بالنّسبة إلى أكثر من معنى
__________________
(١) أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ٥١.
(٢) راجع ، حاشية كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٥٤.