المعتبر ، له أن يجعل الجنس وهو المادّة والهيولى لا بشرط ، كما أنّ له أن يجعله بشرط لا وكذا الفصل ، فعلى الأوّل يسمّيان جنسا وفصلا ، وعلى الثّاني يسمّيان مادّة وصورة ، بل مرادهم ، أنّ مطابقهما وواقعهما كذلك ، بحيث يتّحد مطابق كلّ منهما مع مطابق الآخر ، فمأخذ الأجناس والفصول هو المادّة والصّورة وهما متّحدتان في نفس الأمر ؛ ولذلك تحمل الأجناس على الفصول وبالعكس ، فيقال : «كلّ ناطق حيوان» و «بعض الحيوان ناطق» فلولا الاتّحاد في المأخذ ، لما صحّ الحمل في المأخوذ وإن اعتبر بنحو لا بشرط ألف مرّة.
وإن شئت ، فقل : إنّ الحمل ليس إلّا الحكم بالهوهويّة في القضايا الملفوظة أو المعقولة الحاكية عن الهوهويّة الخارجيّة ، فما على الألسن من القضايا الملفوظة ، أو في الأنفس من القضايا المعقولة ، صور ونقوش لما في الأعيان من الهويّات الخارجيّة ، فالجوهر والعنصر والمعدن والنّبات والحيوان والنّاطق مأخذها ومطابقها المحكي بهذه العناوين ، هي الحقائق النّفس الأمريّة المتّحدة من المادّة الاولى المتكاملة المتدرّجة إلى منزل الإنسانيّة (١) ، ففى كلّ منزل تكون المادّة متّحدة مع الصّورة ، وهذا الاتّحاد العيني الواقعي مناط اللّابشرطيّة ، ومناط صحّة الحمل في القضايا المأخوذة منهما ؛ ولذا قالوا : إنّ التّركيب بين المادّة والصّورة اتّحادي لا انضمامي. (٢)
فتحصّل : من جميع ذلك : أنّ اللّابشرطيّة والبشرط اللّائيّة أمران واقعيّان وليستا جزافيّتين تابعتين لاعتبار المعتبر.
__________________
(١) كما في قول الله عزوجل «ثمّ انشأناه خلقا آخر» سورة (٢٣) : الآية ١٤. كما قيل : بالفارسية :
سالك منزل عشقيم ز سر حدّ عدم |
|
تا به إقليم وجود اين همه راه آمدهايم |
(٢) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٨٩ ؛ ومناهج الوصول : ج ١ ، ص ٢١٩ و ٢٢٠.