وقد اورد على هذا الاستدلال بوجوه :
أحدها : أنّ هذا الدّليل أعمّ من المدّعى ؛ إذ غاية ما يدلّ عليه ، هو خروج الشّيء مفهوما ومصداقا عن مفهوم المشتقّ ، وهذا لا يفيد البساطة ، لاحتمال أن يقال : إنّ مفاد المشتقّ هو الحدث المنتسب إلى الذّات بحيث يكون الذّات خارجا والحدث والنّسبة داخلين فيها.
ثانيها : أنّ المشتقّ ، ـ كالنّاطق ـ ليس من الذّاتيّات والفصول المقوّمة ، كما هو مقتضى التّحقيق ، بل له معنى حدثيّ عرضيّ ، لأنّه إمّا من النّطق بمعنى التّكلّم ، أو منه بمعنى الإدراك ، فهو من الأعراض الخاصّة.
وعليه ، فأخذ «الشّيء» فيه ليس من باب أخذ العرض في الذّاتي ، بل من باب أخذ العرض العامّ في العرض الخاصّ ، وهذا لا فرق فيه بين القول بالتّركّب والبساطة في المشتقّ ، وقد قرّر في محلّه ، أنّ الفصل على ثلاثة أقسام :
منها : الفصل المنطقي.
ومنها : الفصل المشهوري.
ومنها : الفصل الحقيقي.
والنّاطق إنّما هو من الفصل المشهوري ؛ إذ الفصل الحقيقي للإنسان هو صورته النّوعيّة ونفسه النّاطقة ، والنّطق إنّما هو من أظهر خواصّه وأبرز آثاره.
ثالثها : أنّ الاستدلال على البساطة بالنّحو المذكور لو تمّ ، إنّما يتمّ لو قيل : بالتّركيب التّفصيلى في المشتقّ ، ولا قائل به ظاهرا ، كما أشرنا سابقا.
وأمّا بناء على المختار من القول بالتّركيب التّعمّلي التّحليلي ، فلا يتمّ ؛ لأنّ تحليل المشتقّ وإرجاع مفهومه إلى الذّات والحدث ، وانتزاع هذين الأمرين منه ليس