علّة لسقوطها ، لا التّكوينيّة ولا المولويّة التّشريعيّة ؛ إذ علّة انقداح الإرادة في نفس المريد ، عبارة عن تصوّر المراد بما هو مقصود وغاية مع مباد نفسيّة أخر ؛ فعلميّة المراد علّة لانقداح الإرادة ، كما أنّ عينيّة المراد ووجوده الخارجي معلول للإرادة ، فلا يعقل أن يكون المعلول بوجوده طاردا لوجود علّته ، هذا في التّكوينيّة.
وأمّا التّشريعيّة ، فلأنّها ـ أيضا ـ تنقدح في نفس المولى بمباديها وعللها الخاصّة ، وهل يعقل أن يكون إتيان العبد للمأمور به علّة لسقوط الإرادة المولويّة؟!
وبالجملة : فكما أنّ العلّيّة والتّأثير في إتيان العمل بالنّسبة إلى سقوط إرادة الفاعل ، ليس إلّا بمعنى : انتهاء أمد الإرادة ـ نظرا إلى أنّ الإرادة من بدو الأمر مغيّاة محدودة بحدّ الإتيان ، فإذا حصل ، لا اقتضاء لها في البقاء ، لا أنّ لها بقاء والإتيان يرفعها ـ كذلك في إتيان الفعل بالنّسبة إلى سقوط الأمر المولويّ ، فبالإتيان ينتهي أمده ؛ إذ المفروض ، أنّ الأمر إنّما هو لغرض حصول المأمور به ، وبعد حصوله ينتهي أمده ، لا أنّ للأمر بقاء من حيث الاقتضاء ، والإتيان يرفعه ويعدمه.
الأمر الخامس : أنّ الظّاهر ـ على ما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره (١) ـ هو إرادة المعنى اللّغوي من كلمة : «الإجزاء» المأخوذ في العنوان ، وهو الكفاية ، إلّا أنّ متعلّقها يختلف حسب اختلاف الموارد ، فقد يكون هو الإعادة والقضاء معا ، وقد يكون هو القضاء فقط ، بمعنى : أنّ الدّليل قد يدلّ على أنّ إتيان المأمور به يوجب سقوط التّعبّد به ثانيا في الوقت وفي خارجه ، وقد يدلّ على أنّه يوجب سقوطه في خارج الوقت فقط ، كما إذا صلّى في الثّوب المتنجّس نسيانا ، فإنّ المشهور قالوا :
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ص ١٢٦ و ١٢٧.