الاشتراط تابعة لذي المقدّمة ، كأصل الوجوب ، بناء على وجوبها من باب الملازمة ، كما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره. (١)
ففي هذه الصّورة لا تجري البراءة عن الوجوب الغيري للوضوء ، كالصّورة الثّالثة ؛ إذ المفروض ، أنّ أصل الوجوب الجامع بين النّفسي والغيرى محرز ، فإذا تعارض البراءة عن الوجوب الغيرى في الوضوء مع البراءة عن الوجوب النّفسي ، ونتيجته هو الاحتياط بإتيان الوضوء قبل الوقت. وإن شئت فقل : إنّ جريان البراءة عن تقييد الصّلاة بالوضوء وكونه واجبا غيريا ، معارض مع جريانها عن وجوبه النّفسي قبل الوقت للعلم الإجمالي ، بأنّه إمّا واجب نفسي أو واجب غيري ، وجريان البراءة في أطرافه يستلزم المخالفة القطعيّة ، فلا مناص إذا من الاحتياط بإتيان الوضوء قبل الوقت.
ولكن أفاد المحقّق النّائيني قدسسره في المقام ، بأنّ الشّكّ تارة يرجع إلى الشّكّ في تقييد الصّلاة بالوضوء ، فيكون الوضوء واجبا غيريّا ، واخرى إلى الشّكّ في وجوب الوضوء قبل الوقت ، وثالثة إلى الشّكّ في وجوبه بعد الوقت لمن توضّأ قبل الوقت ، وقال : بأنّ أصالة البراءة تجري في الجميع بلا معارض. (٢)
وقد اعترض عليه بعض الأعاظم قدسسره بما أشرنا إليه آنفا ، من أنّ الشّكّ في المقام ناش من الشّكّ في كون الوضوء واجبا نفسيّا أو غيريّا ومع العلم الإجمالي بوجوبه الجامع بين النّفسي والغيري ، لا تجري البراءة في مثله ؛ لتعارض الأصل في كلّ مع الآخر.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٥٧.
(٢) راجع ، أجود التّقريرات : ج ١ ، ص ١٧١.