تحقيق الحال يقتضي التّكلّم في مقامين :
الأوّل : في معنى الحروف الإخطاريّة الّتي لها واقع قد يطابقه وقد لا يطابقه.
الثّاني : في معنى الحروف الإيجاديّة الّتي توجد معانيها حال التّكلّم بها وبنفس استعمالها بلا واقع لها حتّى تقع المطابقة أو لا ، كحروف النداء والتّنبيه والتّحضيض والتّأكيد والقسم والرّدع.
أمّا المقام الأوّل ، فقبل الورود فيه ينبغي تقديم مقدّمة حتّى تتبيّن حقيقة الحال ويتّضح فساد ما قيل ، أو يمكن أن يقال في هذا المجال : وهي أنّ الموجود ـ مع قطع النّظر عن الوضع والدّلالة ـ إمّا واجب ، له وجود محض بسيط خال عن التّركيب بأنحائه حتّى عن الماهيّة والوجود وهو الله تعالى ، أو ممكن زوج تركيبيّ له ماهيّة ووجود.
والممكن على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أنّه تامّ الماهيّة والوجود ، ـ كالجوهر ـ حيث إنّه باعتبار الماهيّة ، يعقل ويتصوّر بحياله واستقلاله بلا احتياج إلى توسيط شيء ، فله وجود علمي مستقلّ ، وإنّه باعتبار الوجود يحصل ويتحقّق في نشأة الخارج مستقلّا ، بلا احتياج إلى الموضوع ـ وإن احتاج إلى المادّة ، كالصّورة ، أو إلى المتعلّق ، كالنّفس ـ فله وجود عينيّ مستقلّ ، وبعبارة اخرى : هذا القسم من الموجود الإمكانى هو موجود «في نفسه» و «لنفسه» و «بغيره» ومعنى كونه «في نفسه» هو أنّه ذو ماهيّة معقولة مستقلّة ، ومعنى كونه «لنفسه» هو أنّه ذو وجود مستقلّ غير محتاج إلى الموضوع ، ومعنى كونه «بغيره» هو أنّه ممكن محتاج إلى المؤثّر.
الثّاني : أنّه تامّ الماهيّة فقط ـ كالأعراض ـ فيعقل ويتصوّر في نشأة الذّهن و