لكنّها لم تكن تختصّ بهم فقط بل كانت شاملة لكلّ الأنبياء الإلهيين ببداهة الحال ، وهي : «الكتاب السماوي» و «الحكم» و «النبوّة» ، طبعاً ينبغي ألّا يفهم من هذا الكلام أنّ كلّ واحد منهم كان يمتلك كتاباً مستقلاً ، بل إنّ فريقاً منهم كان قد اوحي إليه كتاب ، وفريقاً آخر كان حافظاً لكتب السلف.
١٠ ـ هناك تعبير بليغ آخر يشاهد في آيات القرآن حول هذا الموضوع بالنسبة للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وخلفائه المعصومين ، وهو تعبير (الرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ) حيث يقول القرآن ، وبعد تقسيمه للآيات القرآنية إلى «المحكمات» (الآيات الصريحة والواضحة) و «المتشابهات» (الآيات التي ليست كذلك) :
(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ (أي المتشابهات) إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ ، (ونظراً لفهمهم أسرار آيات القرآن) يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ). (آل عمران / ٧)
ومعلوم أنّ هناك حديثاً مفصّلاً بين المفسّرين حول تفسير هذه الآية ، وأنّه هل يجب الوقوف بعد لفظ الجلالة «الله» وفصل جملة (وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ) ، ليفهم منها أنّ الراسخين في العلم يؤمنون إجمالاً بالآيات المتشابهة وإن لم يكن لهم إلمام كافٍ بها ، أم أنّ جملة «الراسخون في العلم» معطوفة على لفظ الجلالة «الله» ليفهم منها أنّ كلاً من الله وكذلك الراسخين في العلم لهم اطّلاع بتأويل هذه الآيات ، وقد اخترنا في التفسير الأمثل الشقّ الثاني ، وذكرنا هناك أربعة أدلّة على مدّعانا (١).
على أيّة حال فعبارة «الراسخون في العلم» تدلّ على أنّ لهؤلاء القادة العظام سهماً وافراً من العلم ، لأنّ لفظة «الرسوخ» وعلى حدّ قول صاحب المفردات تعني ثبات الشيء متمكّناً ، وأنّ الراسخ في العلم هو المحقّق به الذي لا تعترضه شبهة.
فنستنتج من مجموع هذه الآيات بكلّ وضوح ، أنّ للأنبياء الإلهيين حصّة كبيرة من العلوم والمعارف.
__________________
(١) يرجى مراجعة التفسير الأمثل ، ذيل الآية مورد البحث.