المؤمنين المخلصين ، فسلكوا الطريق إلى الحقّ مهتدين بنور إيمانهم وتقواهم إلى أن بلغوا الصراط المستقيم ، بينما بقي الآخرون غارقين في ظلمات الاختلاف.
وطبقاً لهذا التفسير ، فالامّة الواحدة التي ظهرت أوّلاً كانت على الحقّ ، لكنّ محدودية إدراك العقل البشري كانت سبباً في الاختلافات ، ثمّ أعلن الأنبياء عليهمالسلام عن خاتمة هذه الاختلافات عن طريق الوحي المعصوم من الخطأ ، لكنّ هوى النفس والميول والتكبّر والعجب كان السبب وراء بروز اختلافات جديدة ، ولم ينج من هذه الاختلافات سوى المؤمنين الصالحين.
والدليل على هذا التفسير هو مضمون الآية التي تذكر نوعين من الاختلاف في الامّة ، الاختلاف الذي كان السبب في بعثة الأنبياء عليهمالسلام وذلك لرفعه ، والاختلاف الذي ظهر بعد نزول الكتب السماوية والبيّنات ، أمّا إصرار بعض المفسّرين على كون هذه الامّة الواحدة ضالّة منحرفة بمجموعها منذ البداية ، لا ينسجم مع لحن الآية وفطرةِ الإنسان التوحيدية التي يصرّح بها القرآن (خصوصاً تلك الفطرة الملموسة عند الناس السذّج في أوّل الخلقة الذين لم تكن الميول والرغبات النفسانية قد هيمنت عليهم بشكل خطير بعد).
أمّا فيما يتعلّق بالعصر الذي استوعب المجتمع البشري الأوّل الذي عبّر عنه القرآن بـ «الامّة الواحدة» ، فقد ذهب البعض إلى أنّه إشارة إلى الفترة ما قبل بعثة نوح عليهالسلام وبعد هبوط آدم عليهالسلام وبناءً على هذا ف «الامّة الواحدة» هي نفس تلك الامّه التي ظهرت منذ زمن تناسل ذرّية آدم عليهالسلام ، والتي كان الإيمان والتوحيد حاكمين عليها إلى أن اتّسعت فيها آثار الشرك يوماً بعد آخر ، بسبب الجهل وقلّة المعرفة ، ممّا هيّأ الأرضية المناسبة لرسالة نوح عليهالسلام.
ومن الطبيعي أنّ استثناءً من قبيل وجود «قابيل» بين أولاد آدم عليهالسلام لا يحول دون إطلاق كلمة «الامّة الواحدة» على مجموعة أولاده ، وهناك احتمالات اخرى حول هذا الموضوع لا تفي بالغرض بحسب الظاهر.
على أيّة حال يستفاد من مجموع ما جاء حول تفسير الآية أعلاه أنّ أحد أهداف بعثة الأنبياء عليهمالسلام هو رفع الاختلافات الناشئة من جهل الناس ، ولا يخفى أيضاً أنّ الاختلافات