على أيّة حال فأداء هذه الامور من قبل البعض لا يمكن إنكاره ، لكن الشيء المهمّ هو الوقوف على مميّزات كلّ من «المعجزات» و «السحر وخرق المرتاضين للعادات» ، ليتبيّن الفرق بينهما بالكامل.
وهنا نواجه بعض الاختلافات البارزة :
١ ـ المعجزة مستندة على القوّة الإلهيّة في حين أنّ سحر السحرة وخرق المرتاضين للعادات ينبعان من القوّة البشرية ، ولذا فالمعجزات عظيمة جدّاً وغير محدودة ، بعكس السحر وخرق العادات المحدودين.
وبعبارة اخرى ، فالسحرة والمرتاضون على استعداد لأداء تلك الامور التي تمرّنوا عليها لا غير ، دون التي تقترح عليهم ، ولم يحدث إلى الآن أن عَبَّرَ السحرة أو المرتاضون عن استعدادهم لأداء ما يشير إليه الآخرون ، وذلك لِتدُرّب كلّ واحد منهم على نوع معيّن.
صحيح أنّ الأنبياء عليهمالسلام كانوا يبادرون إلى إظهار المعجزات حتّى قبل أن يطالبهم بها الناس ، (كالقرآن بالنسبة لنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله ، ومعجزة عصا موسى ويده البيضاء ، وإحياء المسيح للموتى) لكنّهم مع ذلك لم يعجزوا عن إجابة إقتراحات الامم عليهم ، كمسألة شقّ القمر ، أو رفع الفتن والبلايا عن الفراعنة ، أو نزول مائدة سماوية للحواريين ، وأمثال ذلك (طبعاً على شرط كون ذلك بدافع الكشف عن الحقيقة لا التعنّت).
ولذا نجد في قصّة موسى عليهالسلام أنّ الفراعنة طلبوا منه مزيداً من الوقت لجمع السحرة وترتيب مقدّمات العمل ، وذلك تحت عنوان : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً). (طه / ٦٤) في حين أنّ موسى كان في غنىً عن مثل هذه المقدّمات ، كما أنّه لم يطلب منهم اعطائه الفرصة للتفكير في كيفية مقاومة السحرة ، حتّى بعد اطّلاعه على سحرهم ، وذلك لاعتماده على القدرة الإلهيّة واعتماد السحرة على القدرة البشرية المحدودة.
ومن هنا فالخرق البشري للعادات قابل للمواجهة والمقابلة بالمثل ، وبإمكان الآخرين الإتيان بمثله ، ولنفس هذا السبب أيضاً لا يجرؤ من يأتي بهذا العمل على «التحدّي» أي الدعوة للمقابلة والإدّعاء بعجز الكلّ عن أداء ما يؤدّيه ، في حين أنّ المعجزات كانت مرفقة