٥ ـ وفي الآية التي بعدها تمّت الإشارة إلى المبشّرين بهذا الدين والمؤمنين به ، يقول تعالى : (بَلْ هُوَ (القرآن) (آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ). (العنكبوت / ٤٩)
لا شكّ أنّ تأكيد علماء الامّة ومفكّريها على شيء ما ، يمكنه أن يكون دليلاً وقرينة على حقّانيته.
٦ ـ كثيراً ما نقرأ في آيات القرآن عند وصفها للأنبياء الإلهيين ونبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أنّهم لم يطلبوا أجراً أبداً ، ولم يفكّروا في العطايا الماديّة وأنّهم بقوا على عهدهم هذا طول عمرهم ، في حين أنّ المدّعي كذباً لهذا الأمر سيكون ادّعاؤه بلا شكّ لُامور ماديّة.
من جملتها ما نقرأه في قوله تعالى : (اتَّبِعُوا مَنْ لَايَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ) (وآثار التقوى والنزاهة ظاهرة عليهم). (يس / ٢١)
٧ ـ كما نجد في أكثر آيات القرآن الطبقات المسحوقة والمستضعفة ، كانت في الصفّ الأوّل من الذين آمنوا بالأنبياء الإلهيين ، وهذا ما كان يطعن به الأثرياء المتكبّرون غالباً.
ومن جملتها ما نقرأه في القرآن الكريم حينما استشكل فريق من الأغنياء على نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله حول هذا الموضوع إذ أمره القرآن بعدم التخلّي عن هذه الثلّة المؤمنة المستضعفة أبداً :
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً* وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ...). (الكهف / ٢٨ ـ ٢٩)
ولا شكّ أنّ المصلحة المادية تدفع بالمدّعين كذباً ، وعبدة الدنيا للإلتفاف حول أهل الثراء على طول الخطّ.
بل نقرأ في قسم من الآيات الشريفة أنّ هذه الطبقة المستكبرة اعتبرت المؤمنين المستضعفين طبقة المجتمع السفلى ، التي لم تثبت وجودها وعبّرت عنها بـ «الأراذل» ، والتدقيق في آيات القرآن يكشف عن أنّ الكثير منها تشير إلى هذا الدليل والذي قبله.
* * *