يقول المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير «الميزان» : إنّ هذه الآية خاصّة بالمعصومين.
بديهي أنّ المراد بهداية الأنبياء هي تلك الاصول والمعارف التي بلغوها بأنفسهم ، مضافاً إلى اصول تعليماتهم العبادية والسياسية والأخلاقية والتربوية ، ولا منافاة لهذا مع نسخ قسم من تفاصيل أحكام شريعتهم ، كما أنّ تفسيرهم للهداية بمعنى الإيمان أو الصبر وأمثالهما إنّما هو لاقتناعهم بما ذكره البعض من المصاديق.
واعتقاد البعض بأنّ الآية منسوخة ليس في محلّه ، يقوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) (المائدة / ٤٨)
وهذه لأنّ هداية الأنبياء التي تشكّل الاصول العامّة لتعاليمهم غير قابلة للتغيير ، ولا تتأثّر بالتغيّرات الجزئية للشرائع الناتجة عن الظروف الزمانية والمكانية ، ولذا يقول القرآن على لسان المؤمنين الحقيقيين : (لَانُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ). (البقرة / ٢٨٥)
وخلاصة الكلام هي : أنّ الإقتداء بهُدى الأنبياء السابقين هو نوع من «التحقيق» لا «التقليد» كما يراه البعض ، لأنّ التحقيق هو قبول الشيء بالدليل ، ومقام عصمة الأنبياء وصدقهم هو بمثابة الدليل على حقّانية ما يقولونه ، ولذا فاستنباط صفات الله تعالى أو تفصيلات المعاد من القرآن ، هو في الحقيقة نوع من التحقيق لا التقليد ، وذلك لعدم انحصار الدليل بالعقل ، بل هناك الدليل النقلي الثابت عن طريق الوحي والمقبول كالدليل العقلي (تأمّل جيّداً).
* * *
الآية العاشرة من آيات البحث إشارة إلى شخص النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يقول تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى).
يستفاد من هذا التعبير بكلّ وضوح أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله لا يكذب ولا يخطأ في كلامه أبداً ، ولا سبيل للضلال والإنحراف إليه : «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى».