طلب مطلق ، والطلب هذا ، من حيث إطلاقه ، لا يختلف حاله بين موارد وجوب صلاة الصبح تعيينا ، أو موارد وجوب صلاة الجمعة تخييرا ، أو استحباب صلاة الليل نافلة ، ففي كل هذه الموارد الثلاثة ، يوجد طلب مولوي مطلق ، لكن الطلب المطلق المتعلق بصلاة الليل ، هو طلب مشوب بجواز الترك المطلق ، أي أنّ المولى يرخص بمخالفة هذا الطلب ، وأمّا الطلب التعييني الوجوبي لصلاة الصبح ، فإنّ المولى لا يرخص بمخالفته مطلقا ، وأمّا الطلب التخييري الوجوبي لصلاة الجمعة ، «بناء على الوجوب التخييري لصلاة الجمعة» ، فهو مرتبة وسطى ، بين هاتين المرتبتين ، فإنّ المولى يرخص في تركه ، لكن لا كل أنحاء تركه ، بل في بعض أنحاء تركه ، وهو الترك إلى بدل ، إذن فطلب الوجوب التخييري ، عبارة عن طلب مطلق ، مقترن بحصة خاصة من حصص الترك ، في مقابل الاستحباب الذي هو طلب مطلق ، مقترن بتجويز مطلق حصص الترك ، وفي مقابل الوجوب التعييني ، الذي هو طلب مطلق ، مقترن بعدم تجويز أي حصة من حصص الترك.
فلو بنينا على هذا المبنى ، فحينئذ ، تكون نسبة الوجوب التخييري إلى الوجوب التعييني ، نسبة الاستحباب إلى الوجوب.
وعليه فنفس البيانات السابقة في توضيح اقتضاء الصيغة للوجوب أو للاستحباب ، ترد في المقام ، لتعيين اقتضاء الصيغة للوجوب التعييني ، في مقابل الوجوب التخييري.
فقد قلنا سابقا ، أنّه لو لم نلتزم بأن صيغة «افعل» ، موضوعة للوجوب ، ولكن مع هذا ، فهي تدل على الوجوب بالإطلاق ، لما بيّناه ، من أن مفاد صيغة «افعل» ، هو النسبة الإرسالية والإلقائية ، وهذه النسبة ، لا تترك مجالا لعدم الانفعال بهذا الإلقاء ، وهذا معنى سدّ جميع أبواب العدم ، بملاك المساوقة بين الإلقاء التشريعي والإلقاء التكويني ، فكما أنّ الإلقاء التكويني يسد جميع أبواب العدم ، فكذلك الإلقاء التشريعي لا يترك مجالا للترك ، وقد تقدّم توضيح هذا الإطلاق سابقا ، وبنفس هذا التقريب ، أثبتنا الوجوب في مقابل الاستحباب.