بالأمر الآخر ، فهناك جعلان ومجعولان على اختلاف بين الشكلين في تحقيق حال ما هو المتعلق ، وهل هو المهمل. ، أو هو المطلق؟.
أما هذا الشكل الثالث ، فهذا يختلف عن كلا الشكلين السابقين ، فهو يرى تعدّد الأمر ، لا تعدّد الجعل. أمر متعلق بذات العمل ، وأمر آخر متعلق بالإتيان بقصد الامتثال.
ولكن هذين الأمرين ، ليسا مجعولين بجعلين وبإنشاءين ، بل هما مجعولان بجعل وإنشاء واحد رغم ما بينهما من الطولية والترتب ، إذ أن الأمر المتعلق بقصد الامتثال ، مترتب على الأمر المتعلق بذات العمل ، وهو في طوله ، لأن الأمر المتعلق بذات العمل ، يحقق موضوعا للأمر الثاني المتعلق بقصد امتثال الأمر الأول المتعلق بذات العمل ، ولكن رغم كونهما طوليين ومجعولين بجعل واحد ، فإن هذه الطولية بينهما لا تنافي كونهما عرضيين في مقام الجعل ، وكونهما مجعولين بجعل واحد.
وقد شبّه المحقق العراقي ذلك ، بمثل خطاب صدّق العادل (١) ، في مسألة حجية خبر الواحد ، حيث تعرّض المحقق العراقي هناك لإشكال حجية الخبر مع الواسطة ، حيث يلزم منه اتحاد الحكم مع موضوعه ، حيث أنه في بحث حجية خبر الواحد يوجد بحث خلاصته.
هو أن خطاب صدّق العادل ، كيف يمكن شموله للخبر مع الواسطة؟. وحيث عمد المحقق إلى تشبيه المقام بذلك المقام ، فكان لا بدّ من ذكر الإشكال في بحث حجية الخبر ، ثم التعرض لذكر وجه المشابهة ، وحاصل الإشكال في بحث حجية الخبر هو.
أن خطاب صدّق العادل ، إنما هو بلحاظ الأثر الشرعي ، إذن فلا بدّ أن يكون خبر العادل ذا أثر شرعي حتى يعقل توجه الشارع لإيجاب تصديقه ،
__________________
(١) بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣.